النسمة الخامسة - أين الله (2)
2. الخلق: ذلك أن الخلق -كل الخلق- يسبح الله ولا يفتر عن ذكره، الحيوان والجماد والإنس والجان والملائكة والبحار والسهول والقصور، وصدق ربنا عزوجل إذ يقول: {وإن من شيء يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحم} [الإسراء: 44].
وها هو النبي صلى الله عليه وسلم يخبرنا في حديث بين فيه كثرة العابدين لله وازدحام السماء بهم فقال: «أطت السماء ويحق لها أن تئط، والذى نفس محمد بيده ما فيها موضع شبر إلاوفيه جبهة ملك ساجد يسبح الله بحمده»(صحيح كما فى ص ج ص رقم 1020).
سبحان الله، السماء تصيح وتئن من ثقل ما عليها من الملائكة سجود لرب العالمين.
(الأطيط: صوت الإبل من كثرة أحمالها).
بل إن فى خلق الله ما لا يدركه عقل ولا يتصوره بشر، خلقه الله للتسبيح والذكر، أخبرك عن عظم خلقه وضخامة حجمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: " «أذن لي أن أحدث عن ديك من حملة العرش، رجلاه فى الأرض السفلى وعلى قرنه العرش، وبين شحمة أذنيه وعاتقه خفقان الطير سبعمائة عام، يقول ذلك الملك: سبحانك حيث كنت» (صحيح كما فى ص ج ص رقم 853).
قل معى وردد: سبحان الله.. وتبارك الله.. وتمجد الله.. بل تتتابع عليك أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس شيء إلا وهو أطوع لله تعالى من بني آدم» (صحيح كما فى ص ج ص رقم 5393).
سمع هذا الحديث التابعي الثقة عبد الله بن عون المصري فانطلق يقول: أما يستحي أحدكم أن تكون دابته التي يركب، وثوبه الذي يلبس أكثر ذكرا لله منه؟!.
قبل أن تحترق: أخي الحبيب.. أسألك وأقول لك:
أرأيت نجما في المجرة كلها *** ترك المجرة واستخق المقصدا
لو حاد عن أمر الله عظيمها *** لهوا من العليا وذلك وجددا
ولشاط في جو السماء محرقا *** ومحذرا من قد عصاه وعاندا
فطرت حياتك للحنيفة سمحة *** ومدار أجرك بالشريعة حددا
أيكون عهدك في الوجود عجيبة *** وتروح وحدك فاجرا أو ملحدا
أخى.. كما أن النجم إذا ترك مداره الذى حدده الله له احترق، كذلك الإنسان الذي يخرج عن مدار طاعة الله ومسار الخضوع لله يحترق، ليس في الدنيا بل فى دار جهنم.. فلا تنحرف عن المسار، وتشذ عن المدار وتصادم الأقدار حتى تنجو من حي النار.
مختارات