" البداية عند النهاية "
" البداية عند النهاية "
هذا الرجل يسلم وينشب القتال بين المسلمين والكفار فيقتل شهيدًا وهو لم يسجد لله سجدة، فكان ميلاده عند نهايته، وكانت خاتمته طيبة، وكانت قريبة جدًّا من ميلاده فكانت الخاتمة الجنة.
الموت لابد منه للمسلم والكافر على حد سواء ﴿أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ﴾.
وهذا رجل آخر يسمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول: «من قتله هؤلاء فهو في الجنة»، فيقوم هذا الرجل وهو يأكل تمرات، ويلقى بها ويقول: إنها لحياة طويلة إن بقيت حتى آكلها ثم يقول: يا رسول الله ! ما بيني وبين الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء؟ قال: «نعم» فهجم كالأسد الهصور يجول ويقتل منهم عددا كبيرًا ثم يستشهد رضي الله عنه وأرضاه.
وها هو رجل تائب مقبل على الله بعد أن جرب كل شيء، فلم يجد السعادة ولم يحس بالراحة، يقتل تسعًا وتسعين نفسًا فتؤنبه نفسه، وهو يريد التوبة فيذهب إلى عابد يسأله: هل له من توبة؟ فيغلق هذا العابد باب التوبة أمامه، ويقول: لا أجد لك توبة، أنت مجرم ومن أهل النار، فيصاب باليأس وبالحزن، فيقتله تمام المائة، لكن نفسه ما زالت تتوق إلى التوبة، فيذهب إلى عالم ويسأله، فقال هذا العالم: ومن يحول بينك وبين التوبة اذهب إلى قرية كذا، واترك هذه القرية ورفاق السوء، فإن في تلك القرية قومًا يعبدون الله فالحق بهم.
ومن صدق توبته ذهب مسرعاً إلى القرية، فجاءه الأجل المحتوم وهو في الطريق، فتنازعت عليه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب كل يريد أن يأخذه، فأرسل الله إليهم ملكًا حكمًا، فقال: قيسوا المسافة بين القريتين، فأيها كان أقرب فهو لهم، فوجدوه إلى القرية التي قصدها أقرب بشبر واحد، فأخذته ملائكة الرحمة، فيلقى الأحبة هناك في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
يا له من لقاء لا تفرق فيه، ونعيم دائم لا ينقطع، وسعادة لا تفنى، وشباب لا يبلى، اللهم اجمعنا بهم في هذا النعيم المقيم، واللقاء الدائم مع الأحبة الأبرار من الصحابة والأخيار، والتابعين لهم بإحسان، يا رب العالمين.
مختارات