" الإعراض عن اللغو "
" الإعراض عن اللغو "
اللغو هو الباطل، وهو يشمل الشرك وسائر المعاصي وما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال، كما قال تعالى: " وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا " [الفرقان: 72] قال ابن كثير: أي لا يحضرون الزور، وإذا اتفق مرورهم به؛ مروا ولم يتدنسوا منه بشيء ولهذا قال: " مَرُّوا كِرَامًا " (تفسير ابن كثير).
وقال تعالى: " وَإِذَا سَمِعُوا اللغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِين " [القصص: 55].
قال ابن كثير: أي لا يخالطون أهله، ولا يعاشرونهم، بل كما قال تعالى: " وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا "، " وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ " أي إذا سفه عليهم سفيه وكلمهم بما لا يليق بهم الجواب عنه، أعرضوا عنه ولم يقابلوه بمثله من الكلام القبيح، ولا يصدر عنهم إلا كلام طيب، ولهذا قال عنهم إنهم قالوا: " لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ " أي لا نريد طريق الجاهلين ولا نحبها (تفسير ابن كثير).
قال قتادة: أتاهم، والله، من أمر الله ما وقفهم عن ذلك:
فالقوم شغلتهم عيوبهم عن عيوب الناس، فاشتغلوا بإصلاح أنفسهم، وشغلوا أوقاتهم بما يقربهم من الله، ودار كرامته، وأعرضوا عن الدنايا وسفاسف الأمور، واشتغلوا بالغايات الحميدة والمقاصد السنية، ومع ذلك فإنهم لا يجاملون أهل الباطل، ولا يجلسون في مجالسهم، ولا يكثرون سوادهم، بل يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فيعرضون عن مجالس اللهو والباطل والغناء والغيبة والنميمة والسخرية والاستهزاء، وينصحون أصحاب هذه المجالس ويذكرونهم بالله، وهذه هي المجاهدة الحقيقية وقد قال تعالى: " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ " [العنكبوت: 69].
مختارات