" آداب اللقاءات الإيمانية الأخوية "
" آداب اللقاءات الإيمانية الأخوية "
الآداب التي قبل اللقاء:
1- النية الصادقة والقصد الحسن: أقصد بذلك حركة القلب وتوجهاته عند القيام بالزيارة أو حضور اللقاء، فكلما كان القلب متوجهًا إلى الله قاصدًات بهذه الزيارة رضي الله تعالى، وكلما كان المسلم مخلصًا صادقًا في حضور اللقاء نما هذا اللقاء وتبارك وأحدث آثارًا طيبة في النفس والقلب، قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم» [رواه مسلم] فلتكن نيتك لهذا اللقاء نية خالصة صادقة.
2- أن تسلم على أهل المجلس وأن تعلو محياك الابتسامة عند دخولك وعن مصافحتك لإخوانك: السلام عند اللقاء هو مفتاح أبواب القلوب وبذرة الحب ولقاح المحبة فإذا أقبل الأخ إلى أخيه وقد علته البشاشة وفاض وجهه بالغبطة وصافحه بحرارة فقد تحقق معنى من معاني الإسلام. إن للابتسامة والرحابة عند اللقاء لأثرًا إيجابيًا على الأخ المسلم، وتقوى معاني السلام عندما يصاحبه التصاق الأيدي بالمصافحة لكي تترجم معاني السلام عمليًا، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا» [رواه أبو داود].
التأدب بآداب المجلس ومنها:
1- أن لا تقيم أحدًا وتجلس مكانه كما قال صلى الله عليه وسلم: «لا يقيم الرجل الرجل من مقعده ثم يجلس فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا» [متفق عليه].
2- أن تجلس حيث انتهى بك المجلس – لحديث جابر بن سمرة رضى الله عنه قال: «كنا إذا أتينا النبي صلى الله عليه وسلم جلس أحدنا حيث انتهى به المجلس» [رواه أبو داود].
3- إذا دخل الضيف وقد امتلأ المجلس فوسع له، قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه: «ثلاث يصفين لك ود أخيك: أن تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب الأسماء إليه».
4- لا تخرج من المجلس عند دخول ضيف جديد حتى لا يتبادر إلى ذهنه أن دخوله سبب لخروجك.
5- أن تسلم على أهل المجلس إذا أرادت الخروج لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا أتى أحدكم المجلس فليسلم فإن الأولى ليست بأحق من الآخرة» [رواه أبو داود].
الآداب أثناء اللقاء:
1- المشاركة الفعالة في اللقاء وتوجيهه إلى الخير: قال تعالى: " لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ " [النساء: 114] وقال صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» [رواه مسلم].
والمشاركة الفعالة تكون من خلال:
أ- النصيحة والتوجيه.
ب- المشاركة بالعلم والمعرفة.
ج- المتابعة والتذكير.
د- النقد البناء.
2- الإصغاء وحسن الاستماع: فعن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال: «كنا جلوسًا في المسجد إذ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس إلينا وكأن على رءوسنا الطير لا يتكلم أحد منا» [رواه البخاري].
3- انتقاء أطايب الكلام والحذر من زلات اللسان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة» [متفق عليه] يقتضي أي لقاء أخوي النطق بالمحاب والخير ودعوة الجالسين بالأسماء التي تطيب لها نفوسهم من كنى أو صفات، وهذا أمر يعين على جلب الألفة والمحبة بين إخوة اللقاء الإيماني.
4- إنكار ما قد يقع في هذا اللقاء من أخطاء بالحكمة والموعظة الحسنة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرًا فليغيره...» [رواه مسلم].
5- إدخال السرور على أهل المجلس بالمباح: فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قيل: يا رسول الله، من أحب الناس إلى الله؟ فقال: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم أو يكشف عنه كربة» [رواه الطبراني].
فإدخال السرور على الأخ المسلم من أعظم ما يربط القلوب المؤمنة بعضها ببعض.
6- من الآداب المهمة في لقاء الإيمان: تفقد الغائب عن اللقاء والسؤال عنه: عندما يفقد الأخ أخاه في هذا اللقاء ينبغي السؤال عنه مباشر وأن يبادر بعد اللقاء إلى زيارته شخصيًا أو هاتفيًا لكي يسأل عن أخباره ويطمئن إلى أحواله فإن كان مريضًا قام على رعايته وإن وجده محتاجًا أعانه ومشى في قضاء حاجته. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتفقد أصحابه ويطلب من غاب منهم.
7- التغاضي عن الهفوات والزلات والتماس الأعذار في هذا اللقاء: فالعفو والتسامح عن زلات الإخوان وهفواتهم من خلق المؤمن الذي يكظم غيظه ويعفو عن الناس ويعذر إخوانه ويحسن الظن بهم.
وهذا التغاضي عن زلة الأخ والعفو عن هفوته لا يمنع من نصحه على انفراد لأنه لا خير في أخوة المتآخين في الله؛ إن لم يتواصوا بينهم بالحق ويتناصحوا في الله.
8- أن يختم هذا اللقاء بالدعاء المأثور: «سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك» [رواه أبو داود والترمذي].
الآداب بعد اللقاء:
1- العمل بما قيل من خير والحرص عليه، واجتناب ما نهي عنه من شر في هذا اللقاء: فالثمرة المرجوة من العلم هو العمل، قال ابن مسعود رضى الله عنه: «تعلموا العلم فإذا علمتم فاعملوا» ولذلك فكل من طلب العلم لغير العمل به فإنه يحرم بركة العلم والخير وأجره وثوابه العظيم.
2- أن يحفظ الجالسون ما دار في اللقاء من حديث ولا يفشوه لكل أحد: إن الأمانة أن تحفظ حقوق المجالس التي تشارك فيها، فلا تدع لسانك يفشي أسرارها ويسرد أخبارها، قال صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع» [رواه مسلم].
3- دعوة الغير إلى المشاركة في لقاءات الخير: وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «من دعا إلى هدى كان له من ألأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص من أجورهم شيئًا...» [رواه مسلم] ودعوة الغير إلى المشاركة من التعاون على الخير والدلالة على الحق إذ الوصول إلى الحق مطلب كل مؤمن فلا يستغني عنها حتى الأنبياء ولهذا فقد دل الهدهد سليمان عليه السلام على قوم بلقيس فكان في هذه الدلالة دخول أمة إلى الإسلام.
4- الحرص على إعادة الزيارة إلى هذه اللقاءات الأخوية: فهذا عمر رضى الله عنه كان يذكر الأخ من إخوانه فيقول: يا طولها من ليلة ! فإذا صلى المكتوبة غدا إليه واعتنقه ويقول رضى الله عنه: «إذا أصاب أحدكم ودًا من أخيه فليتمسك به فقلما يصب ذلك».
5- الدعاء لإخوانك بظهر الغيب بعد اللقاء: إن خير ما تقدمه لإخوانك بعد لقائك معهم على الخير هو الدعاء لهم كما قال صلى الله عليه وسلم: «من صنع إليكم معروفًا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه» [خرجه النووي في الأذكار].
وأعظم المعروف هو التذكير بالله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فدعاء الأخ لإخوانه بظهر الغيب دليل صدق إيمان وإخلاص أخوة وقد بين لنا الرسول صلى الله عليه وسلم فضل دعوة الأخ لأخيه فقال: «من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل له آمين ولك بمثل» [رواه مسلم].
وهذا أبو الدرداء يقول: «إني لأدعو لسبعين من إخواني في سجودي أسميهم بأسمائهم».
وذكر في ترجمة الطيب إسماعيل أبي حمدون – أحد القراء المشهورين – قال: كان لأبي حمدون صحيفة فيها مكتوب ثلاثمائة من أصدقائه وكان يدعو لهم كل ليلة.
مختارات