قراءة سورة البقرة والاستغفار بنية الزواج?
ما حكم قراءة سورة البقرة والاستغفار بنية الزواج؟ فقد انتشر في هذا الزمان، فكثير من الأخوات تقسم بالله أنها لم تتزوج إلا بعد أن قرأت سورة البقرة لمدة شهر أو أربعين يوما وكذلك الاستغفار ألفا أو بعدد محدد بنية الزواج.... وأنا أخاف من البدعة ودخولي في هذا الأمر، أرجو من فضيلتكم أن توضحوا هذا الأمر لي وما صحته؟
الحمد لله
الزواج أمر مقدّر مقسوم للعبد كسائر رزقه، ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها، و تستوعب رزقها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته) رواه أبو نعيم في الحلية من حديث أبي أمامة، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (2085).
فلا ينبغي القلق إذا تأخر الزواج، لكن يشرع للفتى والفتاة أن يتخذ الأسباب لتحصيل هذا الرزق، ومن ذلك الدعاء، فتسأل الله تعالى أن يرزقها الزوج الصالح.
والاستغفار سبب من أسباب سعة الرزق، فقد حكى الله تعالى عن نوح عليه السلام أنه قال لقومه: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا. يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا. وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا) نوح/10- 12.
والدعاء سلاح عظيم لمن أحسن استخدامه، فادعي الله وأنت موقنة بإجابة الدعاء، وتحري أسباب القبول، من طيب المطعم والمشرب، واختيار الأوقات الفاضلة، واحذري من تعجل الإجابة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي) رواه البخاري (5865) ومسلم (2735) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
واعلمي أن الدعاء مدخر للعبد، نافع له في جميع الأحوال، كما في الحديث الذي رواه الترمذي (3859) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو اللَّهَ بِدُعَاءٍ إِلَّا اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِمَّا أَنْ يُعَجَّلَ لَهُ فِي الدُّنْيَا، وَإِمَّا أَنْ يُدَّخَرَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يُكَفَّرَ عَنْهُ مِنْ ذُنُوبِهِ بِقَدْرِ مَا دَعَا، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، أَوْ يَسْتَعْجِلْ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَسْتَعْجِلُ؟ قَالَ: يَقُولُ: دَعَوْتُ رَبِّي فَمَا اسْتَجَابَ لِي) وصححه الألباني في صحيح الترمذي برقم (2852).
وقراءة القرآن لها أثر عظيم في علاج الهم والقلق، وجلب السعادة والطمأنينة، وكذلك الاستغفار.
والإكثار من الطاعات بصفة عامة، من أسباب تحصيل السعادة، كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) النحل/97.
وقال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق/2،3.
فمن أكثرت من هذه الطاعات، وحافظت على صلاتها وذكرها واستغفارها ودعائها وقراءتها للقرآن، رجي لها التوفيق والسعادة، وتحقيق مرادها ومطلوبها، لكن لا يشرع التعبد بتحديد عدد معين أو زمن معين لم يرد في الشريعة، فإن ذلك من البدع، وهي من أسباب رد العمل وحرمان صاحبه من الأجر، كما قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ) رواه مسلم (1718).
ولم يرد في الشرع المطهر – فيما نعلم – أن قراءة سورة البقرة بخصوصها أو الاستغفار بعدد معين سبب لحصول الزواج، وإنما طاعة الله تعالى واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم على سبيل العموم هما سبيل السعادة وتيسير الأمور في الدنيا والآخرة.
نسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك، ويرزقك الزوج الصالح.
والله أعلم.
مختارات