" فضائل سور وآيات "
" فضائل سور وآيات "
القرآن كلُّه فاضل، وفيه وفي تلاوته الخير الكثير، وأينما حل القارئ منه حل في روضة من رياضه.
قال محمد بن واسع رحمه الله: " القرآن بستان العارفين، فأينما حلُّوا منه حلُّوا في رياض نضرة ".
والمسلم بقراءته لكتاب الله تعالى يلتمس خير الدنيا والآخرة، فتجد أهل الإيمان الصادق إذا قرءوا كتاب الله تعالى اطمأنَّت نفوسهم ووجدوا الراحة الحقيقية.
وقال الله تعالى واصفًا هذا الفريق: " إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ " [الأنفال: 2].
وقال تعالى: " الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ * الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ " [الرعد: 28، 29].
وقد وردت بعض النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل بعض السور والآيات، وهي تلفت الناس إلى فضل تلك السور والآيات، حتى يأخذ الناس بحظِّهم ونصيبهم منها.
عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه» وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة».
يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: يعني من قوله تعالى: " آمَنَ الرَّسُولُ... " إلى آخر السورة.
وقال أيضًا في شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم «كفتاه»: أي أجزأتا عنه من قيام الليل بالقرآن.
وقيل: أجزأتا عنه عن قراءة القرآن مطلقًا، سواء كان داخل الصلاة أم خارجها.
وقيل: معناه أجزأتاه فيما يتعلَّق بالاعتقاد لما اشتملت عليه من الإيمان والأعمال إجمالاً.
وقيل: معناه كفتاه كلَّ سوء.
وقيل: كفتاه شرَّ الشيطان.
وقيل: دفعتا عنه شرَّ الإنس والجن.
وقيل: معناه كفتاه ما حصل له بسببهما من الثواب عن طلب شيء آخر، وعلى هذا فأقول يجوز أن يراد جميع ما تقدم والله أعلم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ آية الكرسي في دُبر كلِّ صلاة لم يحُلْ بينه وبين دخول الجنة إلا الموت» (رواه ابن السني، السلسلة الصحيحة ).
فأين أنت أيها المسلم من هذا الخير العظيم؟!
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غُفِر له، وهي سورة تبارك الذي بيده الملك» (رواه أحمد وأصحاب السنن/ صحيح الترمذي).
وهذا خيرٌ عظيمٌ ويسيرٌ على من يسَّره الله له.
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألم ترَ آياتٍ أنزلت الليلة لم يُرَ مثلهنَّ قط؟ قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس» (رواه مسلم).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احشدوا؛ فإني سأقرأ عليكم ثُلث القرآن»، فحشد من حشد، ثم خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم فقرأ: " قل هو الله أحد " ثم دخل، فقال بعضنا لبعض: إني أرى هذا خبرٌ جاء من السماء فذاك الذي أدخله، ثم خرج نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إني قلت لكم: سأقرأ عليكم ثُلث القرآن، أو أنها تعدل ثُلث القرآن » (رواه مسلم).
أخي المسلم:
ما أيسر قطف الحسنات من كتاب الله تعالى، عملٌ قليلٌ وأجرٌ كثير !
مرابطة دقائق في تلاوة كتاب الله تعالى تملأ يدي صاحبها بالحسنات الكثيرة !
وكم مساكين أولئك الذين حرموا أنفسهم من هذا الخير العظيم !
وسيعلم الفريقان إذا وقف الناس أمام ربِّ العالمين أيهما كان من الفائزين؟!
أخي المسلم:
القرآن تجارة رابحة، وهي تجارة لا تعرف الخسارة، فلا يفوتنك هذا الخير العظيم حتى ينزل بك الموت، فتندم على ما فاتك من الصالحات، فقدِّم ذُخرًا ينفعك غدًا إذا قام الناس لربِّ العالمين.
وتلك السور والآيات التي سُقت لك فضلها ليست المداومة عليها بصعبة، فبالقليل من العزم يستطيع المرء المداومة على الكثير من الفضائل.
فشيءٌ يسيرٌ خيرٌ من لا شيء، ولكن من لزم عملاً صالحًا فينبغي أن يعوِّد نفسه المداومة عليه.
فالمبادرة المبادرة إلى تلك الخيرات، وإيَّاك أن تكون من الغافلين فتمسي غدًا من المغبونين الخاسرين.
مختارات