" اللطيف "
" اللطيف "
اللطيف بعبده ولعبده، وجاء الاسم بعدة معان:
1- الذي يلطف ويرفق بعباده من حيث لا يعلمون، ويسبب لهم مصالحهم من حيث لا يشعرون ولا يحتسبون، ومن هذا قولهم: لطف الله لك، أي أوصل إليك ما تحبُّ في رفق.
2- لطيف العلم الذي لا تخفى عليه الأشياء وإن دقَّت ولطفت وتضاءلت: " يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ " [لقمان: 16] لو كان للإنسان رزق بوزن مثقال حبَّة خردل في هذه المواضع ساقه الله إليه.
3- الذي لطف عن أن يُدرك بالكيفية؛ " لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ " [الأنعام: 103] واللَّطف – بالفتح - تعني الرِّفق والبرَّ، ولطُف – بالضم - معناها صغر ودق، وقد يكون اللطف بمعنى الرقة والغموض.
الفرق بين (لطف به) و (لطف له):
لطف الله به: الأمور الدَّاخلية لطفٌ بالعبد؛ فإذا يَسَّر الله عبدَه لطريق الخير وأعانه عليه، فقد لطف به، لطف الله له: الأمور الخارجية لطف للعبد؛ فإذا قَيَّضَ الله له أسبابًا خارجيةً غير داخلة تحت قدرة العبد فيها صلاحه فقد لطف له، ولهذا لما تنقلت بيوسف - عليه السلام - أحوالٌ من الابتلاء عَرَفَ أنَّها من لطف الله له، فاعترف بهذه النعمة؛ " وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ " [يوسف: 100] فإذا قال العبد: «يا لطيف الطف بي والطف لي وأسألك لطفك» فمعناه أصلحْ أحوالي الظاهرة والباطنة.
أثر الإيمان بالاسم:
من صور لطف الله بالعبد:
- أنه أعطاه فوق الكفاية وكلَّفه دون الطاقة.
- أن يفتح له بابًا من أبواب الخير لم يكن له على بال وييسره له.
- أن يجري بشيء من ماله نفعًا وخيرًا لغيره؛ فيثيبه من حيث لا يحتسب؛ كمن له زرع فأصاب منه إنسان أو حيوان شيئًا آجَرَ الله صاحبَه وهو لا يدري؛ خصوصًا إذا كانت عنده نيَّةٌ حسنة، وعقد مع ربه عقدًا في أنه مهما ترتب على ماله شيء من النفع (فأسألك يا رب أن تأجرني وتجعله قربة لي عندك)، وكذلك لو كان له عين انتفع به منها وغير ذلك؛ ككتاب انتفع به في تعلُّم شيء منه أو مصحف قُرئ فيه، والله ذو الفضل العظيم.
- أنه يعينه على الابتلاء والامتحان؛ ليزداد بذلك إيمانُه ويعظم أجرُه؛ فسبحان اللطيف في ابتلائه وعافيته وعطائه ومنعه.
- أن يجعل ما يبتلي به عبدَه من المعاصي سببًا لرحمته؛ فيفتح له باب التوبة والتضرع لربه وازدراء نفسه واحتقارها وزوال العجب والكبر من قلبه ما هو خير له من كثير من الطاعات.
- من عظيم لطفه عدم اختصاصه بالرِّزق للمؤمن فقط؛ " اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ " [الشورى: 19].
- لو تتبَّعتَ أثرَ لطفه في تيسير لقمة يتناولها العبد من غير كلفة يتجشمها تجد أن اللهَ سَخَّرَ خلقًا لا يُحصَى عددُهم تعاونوا على إصلاحها من زارع وحاصد وطاحن وعاجن وخابز؛ إلى غير ذلك؛ وعلى هذا فاللُّطف من الله بك يستدعي ألا يأخذك الاهتمام برزقك ومصالحك مأخذًا يشغلك عن أداء الفرائض واتِّباع سبيل من أناب إلى الله.
- استشعارُ لطف الله في كلِّ مجريات الكون يَمْنَحُ العبدَ حظَّه من هذا الوصف بالتَّلَطُّف بعباد الله في الدَّعوة إليه تعالى والهداية إلى سعادة الآخرة بألطف الألفاظ من غير عنف وتعصُّب وتخاصم؛ فاللهُ لطيفٌ يحبُّ اللطيف من عباده ويبغض الفَظَّ الغليظَ القاسي الجعظري الجواظ.
- إذا علم العبدُ دقَّةَ علم الله وإحاطته الكاملة حاسب نفسه على أقواله وأفعاله.
مختارات