" المَعْلم التاسع : إشعارهم بالمحبة وملاطفتهم "
" المَعْلم التاسع: إشعارهم بالمحبة وملاطفتهم "
أولا: إشعارهم بالمحبة والحنان:
تعد حاجة الطفل إلى الشعور بالمحبة والحنان والقبول من قبل والديه ومن يتولى تربيته من أهم الحاجات التي يؤدي فقدها إلى اختلال البناء النفسي السوي للطفل، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يشبع هذه الحاجة في نفوس الأطفال ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم احتضن الحسن بن علي وكان طفلا فقال: «اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه» [رواه البخاري]، ودخل عليه الأقرع بن حابس فرآه يقبل الحسن والحسين فقال الأقرع: أتقبلون صبيانكم؟ إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم قط قال صلى الله عليه وسلم: «أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة» [متفق عليه].
وكم كان صلى الله عليه وسلم مربيا حكيما وهو يرد على سؤال الأقرع بن حابس بتعجب أبلغ من الجواب، خلاصته انعدام الرحمة ممن لا يحنو على صغاره ويشعرهم بالمحبة، هذه هي الرحمة التي حذر النبي صلى الله عليه وسلم من فقدها حين التعامل مع الصغار فقال: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا» [رواه أحمد وأبو داود والترمذي] والتي جعلته صلى الله عليه وسلم يبكي على ابنه الصغير إبراهيم لما توفي ويقول: «إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون» [رواه البخاري].
وأي إشباع تربوي وعاطفي حصل للحسن والحسين وهما يسمعان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عنهما: «هما ريحانتاي من الدنيا» [رواه البخاري].
وفي المقابل أي حرمان عاطفي وخطأ تربوي يرتكبه بعضنا حين يتحاشى التعبير عن محبته لأبنائه وإظهار مشاعر الحنان أمامهم لظنه أن ذلك يؤدي إلى دلالهم وتيههم عليه، أو أن ذلك لا يليق بتربية الرجال وإعدادهم للحياة.
ثانيا: ملاطفتهم ومداعبتهم وكسب قلوبهم:
إن مراعاة هذا الجانب جعلت النبي صلى الله عليه وسلم يتأخر يوما في سجوده وهو يصلي بالمسلمين من خلفه لماذا؟ لأن طفلا صغيرا وهو الحسن بن علي ركب على ظهره فلم يشأ أن يقطع عليه استمتاعه بهذه اللحظات مع النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال صلى الله عليه وسلم للناس بعد الصلاة: «إن ابني هذا ارتحلني فكرهت أن أعجله» [رواه أحمد والنسائي]، والسؤال هنا ماذا لو حصل مثل هذا الموقف مع أحد أئمة مساجدنا اليوم؟ كيف سيفعل؟ وكيف سيرد المصلون على تصرفه لو اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم فأطال السجود مراعاة للطفل الصغير؟
كان هذا هو حاله صلى الله عليه وسلم مع ملاطفة الأطفال حتى في الصلاة، فإننا لا نستغرب مداعبته للأطفال وممازحته لهم خارج الصلاة «وقد أخرج النبي صلى الله عليه وسلم لسانه يوما لطفل حتى رأى الطفل حمرة لسانه» [رواه ابن حبان].
وكان يقول أحيانا لبعض الأطفال «من يسبق إلىَّ وله كذا» [رواه أحمد]، ولاشك أن لهذه الملاطفة والمداعبة للأطفال أثرًا تربويًا كبيرًا في نفوسهم حيث يميلون إلى من يلاطفهم ويتقبلون منه ما لا يتقبلون من غيره.
مختارات