" ذكر بعض من مات وهو في الستين "
" ذكر بعض من مات وهو في الستين "
وإن كان هذا الأمر لا يعني شيئا محدداً، ولكن أذكره استئناسا، على أن أغلب الناس – كما هو مشاهد ومنقول – يعيشون بين الستين إلى السبعين لحكم عظيمة.
قال الترمذي الحكيم: الأصل العشرون: في حكمة قصر أعمار هذه الأمة: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عمر أمتي من ستين إلى سبعين»، وقال صلى الله عليه وسلم: «معترك المنايا ما بين الستين إلى السبعين...ثم قصر أعمارهم لئلا يتلبسوا بالدنيا إلا قليلاً ولا يتدنسوا، فإن القرون الماضية كانت أعمارهم وأجسادهم وأرزاقهم على الضعف، كان أحدهم يعمر ألف سنة وجسمه ثمانون باعا...فمنها وبطروا واستكبروا وأعرضوا عن الله عز وجل فصب الله عليهم سوط عذاب،...ثم لم يزل الناس ينقصون في الخلق والخلق والأجل والرزق إلى أن صارت هذه الأمة آخر الأمم حتى يأخذوا من الدنيا أرزاقا قليلة بأجساد كمال، في مدة قصيرة حتى لا يأشروا ولا يبطروا، فهذا تدبير من الله عز وجل رحمة لهذه الأمة، ثم ضوعفت لهم الحسنات فجعلت الحسنة الواحدة بعشرة إلى سبعمائة إلى ما لا يعلمه من التضعيف إلا الله تعالى، وأيدوا باليقين، وأعطوا ليلة القدر....» (نوادر الأصول في أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم).
وجاء في التحفة: (باب ما جاء في فناء أعمار هذه الأمة ما بين الستين إلى سبعين... قوله: عمر أمتي من ستين سنة إلى سبعين، قيل: معناه: عمر أمتي ابتداؤه إذا بلغ ستين سنة وانتهاؤه سبعون سنة وقل من يجوز سبعين، وهذا محمول على الغالب بدليل شهادة الحال فإن منهم من لم يبلغ ستين سنة ومنهم من يجوز سبعين ذكره الطيبي رحمه الله.
وقال القارئ: (فالظاهر أن المراد به أن عمر الأمة من سن المحمود الوسط المعتدل الذي مات فيه غالبُ الأمة ما بين العددين منهم سيد الأنبياء وأكابر الخلفاء كالصديق والفاروق والمرتضى وغيرهم من العلماء والأولياء مما يصعب فيه الاستقصاء) (تحفة الأحوذي).
روى ابن جرير عن أسلم رضي الله عنه مولى عمر رضي الله عنه أنه قال: توفي عمر وهو ابن ستين سنة، قال الواقدي: وهذا أثبت الأقاويل عندنا (البداية والنهاية).
عياض بن غنم رضي الله عنه، من المهاجرين الأولين شهد بدرًا وما بعدها وكان سمحا جوادا شجاعا، وهو أول من جاز درب الروم غازيا واستنابه أبو عبيدة رضي الله عنه بعده على الشام فأقره عمر عليها إلى أن مات عن ستين سنة.
وكذلك عبد الله بن مظعون رضي الله عنه الذي شهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مات وهو ابن ستين سنة.
وخالد بن الوليد رضي الله عنه، عاش ستين سنة وقتل جماعة من الأبطال ومات على فراشه فلا قرت أعين الجبناء (سير أعلام النبلاء).
وأسامة بن زيد رضي الله عنهما، مات بالمدينة في آخر خلافة معاوية رضي الله عنه، وهو ابن ستين سنة (المستدرك على الصحيحين).
وتوفيت حفصة رضي الله عنها وهي يومئذ ابنة ستين سنة (صفوة الصفوة).
وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه، مات عن ستين سنة (سبيل السلام).
والأوزاعي مات وله ستون سنة قال عبد الرحمن بن مهدي: ما كان بالشام أحد أعلم بالسنة منه (طبقات الفقهاء).
ومسلم ابن الحجاج النيسابوري الحافظ، أحد أركان الحديث وصاحب الصحيح، مات وله ستون سنه (شذرات الذهب).
يقول ابن كثير عن محمود بن سبكتكين: الملك العادل الكبير المرابط المؤيد المنصور، صاحب بلاد غزنة ومالك تلك الممالك الكبار وفاتح أكثر بلاد الهند قهرا، وكاسر أصنامهم وأوثانهم وهنودهم وسلطانهم، مات وله من العمر ستون سنة – رحمه الله -.
وكذلك عن ابن القيم: ولا أعرف في هذا العالم في زماننا أكثر عبادة منه، وكانت له طريقة في الصلاة، يطيلها جدا ويمد ركوعها وسجودها، وله من التصانيف الكبار والصغار شيء كثير، وكمل له من العمر ستون سنة –رحمه الله - (البداية والنهاية).
مختارات