" محاور رئيسة في الدعوة إلى الله – عز وجل - "
" محاور رئيسة في الدعوة إلى الله – عز وجل - "
سوف أتطرق إليها على عجل؛ وهي أيضًا لا تغيب عن فطنة القارئ ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.
أولاً: من شروط الداعي إلى الله، أن يكون على علم وبصيرة قال تعالى: " فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ " [محمد: 19]، فبدأ بالعلم قبل العمل، فإذا لم يتعلم العلم ويعرفه قد يدعو إلى بدعة مثلاً أو إلى محرم وهو لا يعرف أنه محرم، ولا يكفي حسن النية في الأعمال بل لابد أن تكون صوابًا موافقة لما جاء في الكتاب والسنة.
ثانيًا: الإخلاص لله –عز وجل- في هذه الدعوة رغبة في نيل ثواب الله، لا لعرض من أعراض الدنيا من مال أو جاه أو اجتماع الناس حوله، ويجب أن لا يكون للنفس حظ في هذا، وعليه أن يجاهد نفسه فالطريق طويل والشياطين في كل ناحية، وعلى الداعي أن يبتعد عن الإعجاب بعمله وقوله فإنها الهلكة.
وبعض الناس يكون ديدنه ذكر الحكايات عنه ومن اهتدى على يديه وأنه فعل وفعل وقد كان السلف –رحمهم الله- يخفون أعمالهم الصالحة كما نخفي سيئاتنا.
فالإخلاص هو حقيقة الدين، ومفتاح دعوة الرسل – عليهم السلام - قال تعالى: " وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ " [البينة: 5] وقال تعالى: " الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا " [الملك: 2].
قال الفضيل بن عياض: هو أخلصه وأصوبه، قالوا: يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل حتى يكون خالصًا وصوابًا، والخالص: أن يكون لله، والصواب: أن يكون على السنة، ثم قرأ قوله تعالى: " فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا " [الكهف: 110].
وعن أبي هريرة مرفوعًا: «قال الله -تعالى-: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه» [رواه مسلم].
وقاله صلى الله عليه وسلم: «من صلى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي، فقد أشرك، ومن تصدق يرائي فقد أشرك» [رواه أحمد].
وعن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه» [متفق عليه].
قال سهل بن عبد الله: ليس على النفس أشق من الإخلاص؛ لأنه ليس لها فيه نصيب.
وروي عن بعض الحكماء أنه قال: مثل من يعمل الطاعات للرياء والسمعة كمثل رجل خرج إلى السوق وملأ كيسه حصاة، فيقول الناس: ما أملأ كيس هذا الرجل، فلا منفعة له سوى مقالة الناس، ولو أراد أن يشتري له شيئًا لا يعطى به شيئًا، كذلك الذي عمل للرياء والسمعة لا منفعة له سوى مقالة الناس، ولا ثواب له في الآخرة، كما قال تعالى: " وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا " [الفرقان: 23].
أما إذا عمل العمل لله خالصًا، ثم ألقى الله الثناء الحسن في قلوب المؤمنين، ففرح بفضل الله ورحمته واستبشر بذلك لم يضره، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الرجل يعمل العمل من الخير يحمده الناس عليه فقال: «تلك عاجل بشرى المؤمن» [رواه مسلم].
مختارات