" الرفق "
" الرفق "
الرفق مطلب ملح، والدعوة والرفق متلازمان لا ينفصل أحدهما عن الآخر.
الرفق في جانب الدعوة إلى الله ضروري وهام، فالداعي مثل الطبيب الذي يترفق بمريضه ويقلبه ذات اليمين وذات الشمال حتى يبرأ.
وقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الرفق بقوله: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه» [رواه مسلم] خاصة في هذا الزمن الذي تحولت فيه الطبائع وأثرت في الناس القنوات الفضائية، وكثر المعاند وشحت الأنفس.
ذلك أن المقصود من الدعوة إلى الله تبليغ شرائع الله إلى الخلق، ولا يتم ذلك إلا إذا مالت القلوب إلى الداعي، وسكنت نفوسهم لديه، وذلك إنما يكون إذا كان الداعي رحيمًا كريمًا، يتجاوز عن ذنب المسيئ، ويعفو عن زلاته، ويخصه بوجوه البر، والمكرمة والشفقة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –قدس الله روحه-: «وينبغي أن يكون الداعي حليمًا صبورًا على الأذى، فإن لم يحلم ويصبر كان ما يفسد أكثر مما يصلح».
وقال –رحمه الله-: «ومن تدبر أصول الشرع علم أنه يتطلف بالناس في التوبة في كل طريق».
الرابع من المحاور الرئيسة: لين الخطاب واختيار العبارات المناسبة، فالله –عز وجل- خاطب الكفار في مقام الدعوة بقوله تعالى: " يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ " [النساء: 171]، وقال تعالى: " قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ " [آل عمران: 64]، وهم يفرحون بهذا النداء وأنهم أمة كتاب.
وإبراهيم –عليه السلام- تلطف وترفق في دعوة والده فاسمعه يقول مرات عديدة: " يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا * يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا " [مريم: 44، 45].
والله –عز وجل- لما أرسل موسى وهارون إلى فرعون قال له سبحانه: " قُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى " [طه: 44].
والنبي صلى الله عليه وسلم لما أرسل الرسائل للملوك والرؤساء يدعوهم إلى الإسلام، قال فيها صلى الله عليه وسلم: «من محمد رسول الله إلى عظيم الروم» و «من رسول الله إلى عظيم فارس».
وقد أرشد صلى الله عليه وسلم إلى ذلك في أحاديث كثيرة: «يسروا ولا تعسروا بشروا ولا تنفروا» [رواه البخاري].
ومن الوسائل في ذلك البشاشة وحسن المعاملة وهذه تحتاج إلى بسط طويل... ولين القول مع الكفار على سبيل العطف بهم، والرحمة لا على سبيل الخوف والذلة.
وفي عتاب النبي صلى الله عليه وسلم للرجل حسن أدب وتوجيهه بعيدًا عن التجريح والتعنيف اسمعه صلى الله عليه وسلم يقول: «زادك الله حرصًا ولا تعد» [رواه البخاري].
مختارات