" آثار المعاصي "
" آثار المعاصي "
أخي المسلم: آثار المعاصي شر مستطير.. ونار تأتي على الصغير والكبير.. وهي شرور تلحق بالخلق في الدنيا والآخرة.
قال الإمام ابن القيم: «فمما ينبغي أن يعلم أن الذنوب والمعاصي تضر ولا بد، وأن ضررها في القلب كضرر السموم في الأبدان، على اختلاف درجاتها في الضرر، وهل في الدنيا والآخرة شر وداء إلا سببه الذنوب والمعاصي؟!».
أخي المسلم: إذا تأملت أخبار الأمم السابقة التي قص الله علينا أخبارهم في القرآن، تجد أن هلاكهم كان بسبب المعاصي.. وتأمل معي في هذا الموقف الذي يعكس لك هذا المعنى.
عن جبير بن نفير رحمه الله قال: لما فُتحت قبرص فُرَّق أهلها؛ فبكى بعضهم إلى بعض، رأيت أبا الدرداء جالسًا وحده يبكي فقلت: يا أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله؟! فقال: «ويحك يا جبير ! ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا أضاعوا أمره، بينما هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك، تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى !».
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله عز وجل بهلاكها».
وقال عبد الرحمن بن سابط رحمه الله: «إنما يُؤذن في هلاك القرى إذا استحلوا أربعًا: إذا نقصوا الميزان، وبخسوا المكيال، وأظهروا الزنا وأكلوا الربا؛ لأنهم إذا أظهروا الزنا أصابهم الوباء، وإذا أنقصوا الميزان وبخسوا المكيال منعوا القطر، وإذا أكلوا الربا جرد فيهم السيف».
أخي المسلم: لقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن المعاصي ستكون سببًا في ضعف المسلمين وتسلط أعدائهم عليهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها» فقال، قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟! قال: «بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ! ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن» فقال قائل: يا رسول الله وما الوهَن؟ قال: «حب الدنيا وكراهية الموت»(رواه أبو داود والطبراني، السلسلة الصحيحة).
أخي المسلم: إن آثار المعاصي كثيرة، وقد جمع الحديث عنها الإمام ابن القيم رحمه الله، في كتابه النافع «الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي».
وها هي بعض آثار المعاصي، أسوقها إليك على وجه الإيجاز والاختصار من كتاب ابن القيم السابق.
فمن هذه الآثار:
حرمان العلم: فإن العلم نور يقذفه الله في القلب؛ ولما رأى الإمام مالك نجابة الإمام الشافعي رحمهما الله، قال له: «إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورًا فلا تطفئه بظلمة المعصية».
حرمان الرزق بالذنب يصيبه.
وحشة يجدها العاصي في قلبه، وبينه وبين الله تعالى.
تعسر أموره: فلا يتوجه وجهة إلا وانغلقت عليه الأبواب.
ظلمة يجدها العاصي في قلبه، فإن الطاعة نور والمعصية ظلمة.
وهن القلب والبدن.
حرمان الطاعة: فتنقطع بالذنب طاعات كثيرة كل واحدة منها خير له من الدنيا وما فيها !
محق العمر وزوال بركته.
إن المعاصي تزرع أمثالها: فيطول الحال على العاصي حتى يعز عليه مفارقتها.
الصد عن التوبة والعياذ بالله: وهي أعظمها وأقربها إلى هلاك العاصي.
تكرارها يورث القلب إلفها ومحبتها.
إن العاصي وارث لميراث الأمم السابقة، التي أهلكها الله بمعاصيها.
إن العاصي يهون عند ربه، قال تعالى: " وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ " [الحج: 18].
هوان الذنب عند العبد؛ فيعظم الذنب عند الله.
ما يصيب الإنسان والحيوان من شؤمها، فتُحبس الأمطار وتشتد السنين.
إن المعصية تورث الذل قال تعالى: " }مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا " [فاطر: 10].
الطبع على القلوب: فتكون الغفلة !
لعنة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
حرمان دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ودعوة الملائكة، لأن الله أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستغفر للمؤمنين والمؤمنات.
إنطفاء حرارة الغيرة في القلب !
ذهاب الحياء ووقاره.
ضعف تعظيم الرب سبحانه في القلب.
نسيان الله تعالى لعبده، وتركه لنفسه وشيطانه !
نسيان العبد لنفسه وحظها من الطاعة.
خروجه من دائرة الإحسان.
تسلب صاحبها أسماء المدح والشرف وتكسوه أسماء الذم.
سوء الخاتمة، أعاذنا الله من ذلك.
أخي المسلم: هذه بعض آثار المعاصي في الدنيا؛ وأما في الآخرة؛ فيكفي أن من شرورها وآثارها أن تكون سببًا في دخول النار. أعاذنا الله منها.
مختارات