" الشّاكر "
" الشّاكر "
المادحُ لمن يطيعه والمثني والمثيب له بطاعته، والقرآن مملوء بمدح الأنبياء والصالحين؛ يشكر الشاكرين ويذكر الذاكرين بأن يثنى عليهم في ملئه الأعلى وبين ملائكته، ويلقي لهم الشكر بين عباده.
معنى الشكر عرفان الإحسان ونشره، وقيل: هو الثناء على المحسن بما أولاك إياه من المعروف، والفرق بين الشكر والحمد: أن الحمد أعم من الشكر؛ فإنك تحمد الإنسان على صفاته الجميلة ومعروفه، ولا تشكره إلا على معروفه؛ فالشُّكر لا يكون إلا عن عطاء.
أثر الإيمان بالاسم:
- أمر الله تعالى خلقه بالشكر: " وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ " [النحل: 114]، كما أمر به أنبياءه موسى ومحمد - عليهما السلام: " وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ " [الأعراف: 144] [الزمر: 66] ونهى عن ضدِّه: " وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ " [البقرة: 152] وأثنى على أهله، وجعلهم من الخاصة والنخبة من خلقه؛ فوصف به إبراهيم - عليه السلام: " شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " [النحل: 121] وقال عن نوح - عليه السلام: " إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا " [الإسراء: 3] وجعله - عز وجل - سببًا لرضاه على عباده: " وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ " [الزمر: 7] ووعد الشاكرين بأحسن الجزاء: " وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ " [آل عمران: 144] وزاد على الجزاء المزيد من فضله تعالى: " وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ " [إبراهيم: 7].
- أعظم الشكر لله توحيدُه وعبادتُه وطاعتُه، وشكر الله واجب على كل مكلف، وقدوتُنا ومثلنا الأعلى خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم؛ قام حتى تورَّمت قدماه فقيل له: «غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقدَّمَ مِنْ ذنبكَ وَمَا تأخَّر» فقال صلى الله عليه وسلم: «أفلا أكونُ عبدًا شكوراً» (البخاري) وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: «.. ربَّ اجعلني لكَ شَكَّارًا لك ذكارًا» وقال صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: «يَا مُعَاذُ، وَالله إني لأُحبُّكَ.. أُوصيكَ يَا مُعاذُ لا تَدَعَنَّ في دُبُر كُلِّ صلاة تَقُولُ: اللهمَّ أعنِّي عَلى ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» (أبو داود ؛ النسائي).
- اختلف السَّلَفُ في تعريف شكر العبد لله، فقيل أنَّ الشُّكرَ هو معرفةُ العجز عن الشكر، وقيل: هو ألا يستعان بشيء من نعم الله على معاصيه، وقيل هو رؤية المنعم لا رؤية النعمة.
- حقيقةُ الشُّكر هي ظهورُ أثر نعمة الله على لسان عبده؛ ثناءً واعترافًا، وعلى قلبه: شهودًا ومحبَّةً، وعلى جوارحه: انقيادًا وطاعةً.
- على كُلِّ جارحة شكر، وشُكْرُها باستعمالها بتقوى الله.
- الرِّضا أعلى درجات التَّوَكُّل، وأَوَّلُ درجات الشُّكر؛ فالرِّضا مندرجٌ في الشُّكر؛ إذ يستحيل وجودُ الشُّكر بدونه، وذكر ابنُ القَيِّم أنَّ الإيمانَ نصفان: نصف شكر ونصف صبر.
- وجب على العبد شكرُ مَنْ أجرى اللهُ النِّعمةَ على يده كما قال صلى الله عليه وسلم: «لا يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لا يَشْكُر النَّاسَ» (أبو داود).
- للشُّكْر ثلاثةُ أركان كما ذكر القرطبيُّ:
1- الإقرار بالنِّعمة للمُنعم.
2- الاستعانة بها على طاعته، وعدم استعمالها في معصية.
3- شكر من أجرى النِّعمة على يده.
مختارات