" الودود "
" الودود "
المودَّةُ هي المحبَّةُ، والودودُ – تعالى - هو المحبُّ لخَلْقه المثني عليهم المحسن إليهم العطوف على عباده ذو محبة لمن أناب وتاب إليه، ارتبط الاسم بالمغفرة والتوبة تأكيدًا لمحبة الله لعباده التَّوَّابين، وإشارةً لأنَّ الاستغفارَ يُكْسب العبدَ محبَّةَ الله.
أثر الإيمان بالاسم:
- يَنْبغي على العبد أن يَتَوَدَّدَ إلى رَبِّه بامتثال أَمْره ونَهْيه؛ فالله يُحبُّ مَنْ أطاعه ويُبْغضُ مَنْ عَصَاه؛ " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ " [آل عمران: 31] ومثال محبَّة الله بترك نواهيه أكثر من مثالها بعمل الطاعات؛ فالبَرُّ والفاجر يعملون صالحًا؛ لكن الانتهاءَ عن المعاصي لا تكون إلَّا من مُصَدِّق وبكمال العبودية.
- المستحقُّ أن يُحب لذاته هو سبحانه وتعالى؛ فكُلُّ محبَّة يجب أن تكون لله وفي الله، فإن أحببت أحدًا أو شيئًا أحببه لله، ومثلها كراهيتنا وبغضنا؛ فالله هو المحبوب في الحقيقة، وهو المستحقُّ أن يكون غاية كلِّ حبٍّ: " لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " [المجادلة: 22].
- من أَحَبَّه اللهُ أدخله في معيَّته الخاصَّة؛ كما ذكر صلى الله عليه وسلم في حديث قدسيٍّ: «وَمَا تَقرَّبَ إليَّ عبدي بشيء أحبّ إليّ ممَّا افترضتُ عليه، وما يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنَّوافل حتى أحبَّه؛ فإذا أحببتُه كنتُ سمعهُ الذي يسمعُ به وَبَصرَه الذي يُبصرُ به وَيَدَهُ التي يَبْطُشُ بها ورجلَهُ التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينَّه، ولئن استعاذني لأُعيذنَّهُ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عن شيء أنا فاعلهُ تَرَدُّدي عَنْ نَفْس المؤمن يَكْرهُ الموت وأنا أكرهُ مساءتهُ» (البخاري).
- مَنْ أحبَّه الله أحبَّه خَلْقُه؛ " إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا " [مريم: 96]؛ أي يودِّدهم إلى خلقه، ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم في حديث يرفع رجاءنا حد السماء؛ بأن تتردد أسماءنا بين طوابقها السبع بصوت جبريل عليه السلام؛ وقد تلقَّاه من الرحمن - عز وجل: «إنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعالى إذا أَحَبَّ عَبدًا نَادَى جبريلَ إنَّ الله قدْ أَحَبَّ فُلانًا فأحبهُ فيُحبهُ جبريلُ، ثم يُنادي جبريلُ في السماء: إن اللهَ قَدْ أحبَّ فُلانًا فَأحبوه فيحبه أهل السماء، وَيُوضَعُ لهُ القبولُ في أهل الأرض» (البخاري ومسلم ) - من حُبِّ العبد لربه رضاه بما قضاه وقَدَّرَه وحُبُّ القرآن والقيام به وحُبُّ الرسول وسننه.
- حب الله يقوى بقوة العلم وسلامة الفطرة؛ فكلما كان المسلم عالمًا بدين الله كان حبه أقوى من غيره من الجاهلين، ونقص المحبة من نقص المعرفة وخبث الفطرة بالأهواء الفاسدة، وإن كانت توجد محبة الله بالفطرة لكنها تقوى بالعلم وتخبو بالشهوات والشبهات.
- وجب التفريق بين الحب لله والحب مع الله؛ فالأول إيمان والثاني شرك؛ " وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ " [البقرة: 165]؛ أمَّا الحب لله فقال عنه صلى الله عليه وسلم: «ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فيه وَجَدَ حَلاوَةَ الإيمان: أَنْ يَكُونَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إليه مما سواهُمَا، وَأَنْ يُحبَّ المرءَ لاَ يُحبُّه إلا لله، وَأَنْ يَكرَهَ أَنْ يَعُودَ في الكفر كَمَا يَكرَهُ أَنْ يُقْذَفَ في النار» (البخاري ومسلم ).
مختارات