" آثار في فضل العلم وأهله "
" آثار في فضل العلم وأهله "
إن ما أثر عن السلف ومن بعدهم في فضل العلماء ومجالسهم فباب واسع جدًا لا يحصيه ديوان كاتب، فمن ذلك:-
ما ورد عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى أنه قال: كان يقال: «إن استطعت فكن عالمًا، فإن لم تستطع فكن متعلمًا، وإن لم تستطع فأحبّهم، وإن لم تستطع فلا تبغضهم» (جامع بيان العلم).
وقال ابن مسعود رضى الله عنه: «نعم المجلس مجلس تنشر فيه الحكمة، وترجى فيه الرحمة»(جامع بيان العلم).
وقال علي رضى الله عنه: «العلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة، وآثارهم في القلوب موجودة»(جامع بيان العلم).
وجاء في قصيدة أبي إسحاق الالبري قوله موصيًا ابنه:
وتُفقَدُ إن جهلتُ وأنت باقٍ وتُوجَدُ إن علِمتَ وقد فُقدِتا
وقال بعض الحكماء: «الدليل على فضيلة العلماء أن الناس تحبهم» (ديوان الالبري).
وقال أبو الأسود الدؤلي: «الملوك حكام على الناس، والعلماء حكام على الملوك» (جامع بيان العلم).
وكان يقال: «مثل العلماء مثل الماء، حيث ما سقطوا نفعوا» (جامع بيان العلم).
قال أبو مسلم الخولاني: «العلماء في الأرض مثل النجوم في السماء، إذا بدت للناس اهتدوا بها، وإذا خفيت عليهم تحيروا» (جامع بيان العلم).
وقال وهب: «يتشعب من العلم الشرف وإن كان صاحبه دنيًّا، والعز وإن كان مهينًا، والقرب وإن كان قصيًا، والغنى وإن كان فقيرًا، والمهابة وإن كان وضيعًا» (تذكرة السماع والمتكلم).
وقال سفيان بن عيينة: «أرفع الناس عند الله منزلة من كان بين الله وبين عباده وهم الأنبياء والعلماء» (تذكرة السامع).
وقال أيضًا: «لم يعط أحد في الدنيا أفضل من النبوة، وما بعد النبوة شيء أفضل من العلم والفقه. فقيل عمن هذا فقال عن الفقهاء كلهم» (الفقيه والمتفقه).
وقال سهل التستري: «من أراد أن ينظر إلى مجالس الأنبياء فلينظر إلى مجالس العلماء، فاعرفوا لهم ذلك» (تذكرة السامع).
وقال ابن عباس رضى الله عنه: «العلم يزيد الشريف ويُجلس المملوك على الأسرة» (الفقيه والمتفقه).
وقال الشافعي: «إن لم يكن الفقهاء أولياء الله في الآخرة فليس لله ولي» (الفقيه والمتفقه).
وعن هلال بن خباب قال قلت لسعيد بن جبير: يا أبا عبد الله ما علامة هلاك الناس؟ قال: «إذا هلك فقهاؤهم هلكوا» (الفقيه والمتفقة).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه «رفع الملام عن الأئمة الأعلام»: «فيجب على المسلمين بعد موالاة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم موالاة المؤمنين كما نطق به القرآن خصوصًا العلماء، الذين هم ورثة الأنبياء، الذين جعلهم الله بمنزلة النجوم يهتدي بهم في ظلمات البر والبحر وقد أجمع المسلمون على هدايتهم ودرايتهم».
أما ما ذكره أهل العلم عن الآداب التي يسلكها المتعلم مع العالم فكثيرة جدًا فمنها «أن لا يخاطب شيخه بتاء الخطاب وكَافِهِ، ولا يناديه عن بعد، ولا يسمّيه في غيبته باسمه إلا مقرونًا بما يشعر التعظيم اللائق به كقوله: قال الشيخ أو شيخنا، وأن يعظم حرمته، ويرد غيبته ويغضب لها، فإن عجز عن ذلك قام وفارق ذلك المجلس. وأن يدعو له مدة حياته، ويرعى ذريته وأقاربه، وأن يصبر على جفوته، وأن يشكره، وأن لا يدخل عليه في غير المجلس العام إلا باستئذان، وإذا دخل عليه في غير المجلس العام، وعند الشيخ من يتحدث معه، أو كان الشيخ يصلي، أو يكتب، أو يطالع، فترك ذلك ولم يبدأه بكلام، أو بسط حديث، فليسلّم ويخرج سريعًا، إلا أن يحثه الشيخ على المكث، وإذا مكث فلا يطيل إلا أن يأمره بذلك. وأن يجلس بين يديه جلسة الأدب، ويصغي إليه ناظرًا إليه، ويقبل بكليته عليه، متعقلاً لقوله ولا يلتفت من غير ضرورة، ولا ينظر إلى يمينه، أو شماله، أو فوقه، أو قدامه، بغير حاجة، ولا سيّما عند كلامه معه، ولا يعطي الشيخ جنبه أو ظهره، ولا يكثر التنحنح من غير حاجة، وأن يحسن خطابه مع الشيخ قدر الإمكان، ولا يقاطعه في كلامه... الخ». وهذا غيض من فيض مما ذكره أهل العلم (الفقيه والمتفقة).
مختارات