" وأصبحا ملكًا... وعالمًا ! "
" وأصبحا ملكًا... وعالمًا ! "
* دخل الإخشيدي – الذي حكم مصر أيام عهد المماليك – مع صاحب له مقيد بالحديد، فمرا على رجل له شوي – أي مطعم بذلك الزمان – فقال صاحبه: أتمنى أن يشتريني صاحب هذا الشوي فأشبع لحما، وقال الإخشيدي: أتمنى أن أحكم مصر بأكملها... ودارت الأيام واشترى صاحب الشوي ذلك المملوك، وحكم الإخشيدي مصر في قصة طويلة معروفة بالتاريخ.
* لقد كان سيد التابعين عطاء بن أبي رباح أسود، أعور، أفطس، أشل، أعرج، ثم عمي بعد ذلك، وقال عنه إبراهيم الحربي: كان عطاء عبدًا أسود لامرأة من أهل مكة وكانت أنفه كأنه باقلاء.. ستة عيوب كانت في عطاء ماذا تظنه قد فعل بها؟ هل تكسرت عزائمه؟ هل بكى على قدره يائسًا منتظرًا يوم موته للخلاص من الدنيا والخلاص من تهكمات الناس وسخريتهم؟ هل قال عطاء لنفسه: عبدًا مملوكًا سأظل هكذا إلى الأبد، أنا أسود وأعور وأشل و.. لن يقبلني أحد؟! لقد كان لعطاء أذنان تسمعان، ورجلان تمشيان، كان لعطاء لسان يتكلم، ويد تكتب، وعقل يفكر ويحفظ.. هذا ما وجده عطاء في نفسه، كان ينظر بعين المتفائل الراضي الذي يمتلك الكثير من النعم.. لقد كان يعلم أن التغيير يبدأ من الداخل، المهم كيف أرى نفسي لا كيف يراني الناس، إذا كنت ترى نفسك قويًا ذكيًا فهكذا ستبدو وبهذا سيعاملك الناس، إن السعيد هو من يرى الوجود سعيدا.
لقد صاح المنادي في زمن بني أمية في مكة أيام الحج: لا يفتي الناس إلا عطاء، وقال عنه الإمام أبو حنيفة: ما رأيت أفضل من عطاء، وقال الإمام إبراهيم الحربي: جاء سليمان بن عبد الملك أمير المؤمنين إلى عطاء هو وابناه، فجلسوا إليه وهو يصلي، فلما صلى التفت إليهم، فما زالوا يسألونه عن مناسك الحج، وقد حول قفاه إليهم، ثم قال سليمان لابنيه: قوما، فقاما.. فقال: يا بني لا تنيا في طلب العلم، فإني لا أنسى ذلنا بين يدي هذا العبد الأسود.
لقد أصبح عطاء بن أبي رباح عالم الدنيا في زمنه.. لأنه رسم صورة ذهنية متفائلة مشرقة عن نفسه وواقعه، فكان له ما رأى وتوقع، تفاءلوا بالخير تجدوه، هذه كانت قصة عطاء الذي مكث في الحرم 30 سنة يطلب العلم.
مختارات