عباد الدنيا لا يوقرون شيخا ولا مصليا ( الرياشي )
عباد الدنيا لا يوقرون شيخا ولا مصليا (الرياشي):
عباس بن الفرج، العلَّامة الحافظ شيخ الأدب، أبو الفضل، الرياشي البصري النحوي، مولى محمد بن سليمان بن علي العباسي الأمير.
ولد بعد الثمانين ومائة.
قال أبو بكر الخطيب: قدم الرياشي بغداد، وحدَّث بها، وكان ثقة، وكان من الأدب وعلم النحو بمحل عال. كان يحفظ كتب أبي زيد وكتب الأصمعي كلها. وقرأ على أبي عثمان المازني " كتاب " سيبويه فكان المازني يقول: قرأ علي الرياشي " الكتاب " وهو أعلم به مني.
قال ابن دريد: قتلته الزنج بالبصرة سنة سبع وخمسين ومائتين.
وقال علي بن أبي أمية: لما كان من دخول الزنج البصرة ما كان وقتلهم بها من قتلوا، وذلك في شوال سنة سبع، بلغنا أنهم دخلوا على الرياشي المسجد بأسيافهم، والرياشي قائم يصلي الضحى، فضربوه بالأسياف: وقالوا: هات المال، فجعل يقول: أي مال، أي مال؟! حتى مات، فلما خرجت الزنج عن البصرة، دخلناها، فمررنا ببني مازن الطحانين ـ وهناك كان ينزل الرياشي ـ فدخلنا مسجده، فإذا به ملقى وهو مستقبل القبلة كأنما وجه إليها، وإذا بشملة تحركها الريح وقد تمزقت، وإذا جميع خلقه صحيح سوي لم ينشق له بطن، ولم يتغير له حال إلا أن جلده قد لصق بعظمة ويبس، وذلك بعد مقتله بسنتين رحمه الله.
قال الذهبي: فتنة الزنج كانت عظيمة، وذلك أن بعض الشياطين الدهاة كان طرقيا أو مؤدبا، له نظر في الشعر والأخبار، ويظهر من حاله الزندقة والمروق، ادعى أنه علوي، ودعا إلى نفسه، فالتف عليه قطاع طريق، والعبيد السود من غلمان أهل البصرة، حتى صار في عدة وتحيلوا وحصلوا سيوفا وعصيا، ثم ثاروا على أطراف البلد. فبدعوا وقتلوا وقووا، وانضم إليهم كل مجرم، واستفحل الشر بهم، فسار جيش من العراق لحربهم، فكسروا الجيش، وأخذوا البصرة، واستباحوها، واشتد الخطب، وصار قائدهم الخبيث في جيش وأهبة كاملة، وعزم على أخذ بغداد، وبنى لنفسه مدينة عظيمة، وحار الخليفة المعتمد في نفسه، ودام البلاء بهذا الخبيث المارق ثلاث عشرة سنة، وهابته الجيوش، وجرت معه ملاحم ووقعات يطول شرحها، قد ذكرها المؤرخون إلى أن قتل.
فالزنج هم عبارة عن عبيد البصرة الذين ثاروا معه، -لا بارك الله فيهم.
مختارات