" العفاف طريق الفرج "
" العفاف طريق الفرج "
بشارات الله جل وعلا للمتقين في كتابه عديدة، فلقد بشرهم بالعون والنصرة، وبالعلم والحكمة، وبالتوفيق والعصمة، وبالوصال والقربة، والمغفرة والمحبة..قال تعالى: " الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى " [يونس: 63-64]، وقال سبحانه: " إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ " [النحل: 128]، فقال سبحانه: " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ " [الطلاق: 2-3]، وقال سبحانه: " وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا " [الطلاق: 4].
وأهل العفاف هم أهل التقوى والورع، ولقد ذكر رسول الله ﷺ من عجائب بشاراتهم ما يسلي نفوس المستعففين عن الفواحش والمنكرات ويثبت عزائمهم، ويقوي صبرهم ويعلي هممهم في طريق العفة والطهارة.
ففي الصحيح من حديث أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بينما ثلاثة يمشون إذ أخذتهم السماء فأوَوْا إلى غار في الجبل فانحطت عليهم صخرة من الجبل فأطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالا صالحة عملتموها فادعوا الله بها، فقال بعضهم: اللهم إنك تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران وامرأة وصبيان، وكنت أرعى عليهم فإذا رحت عليهم حلبت فبدأت بوالدي أسقيهما قبل بني وأنه نأى بي الشجر، فلم آت حتى أمسيت فوجدتهما قد ناما فحلبت كما كنت أحلب، فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما، وأن أبدأ بالصبية قبلهما والصبية يتظاغون عند قدمي، فلم أزل كذلك حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فرجة نرى منها السماء! ففرج الله لهم فرجة ! وقال الآخر: اللهم إنه كانت لي ابنة عم فأحببتها كأشد ما يحب الرجال النساء فطلبت إليها نفسها فأبت حتى أتيها بمائة دينار، فسعيت حتى جمعت مائة دينار فجئتها بها، فلما قعدت بين رجليها قالت: يا عبد الله، اتَّقِ الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه فقمت عنها وتركت المائة دينار، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا من هذه الصخرة! ففرج الله لهم فرجة ! وقال الآخر: اللهم إني كنت استأجرت أجيرا بفرق من أرز، فلما قضى عمله قال: أعطني حقي فأعطيته فأبى أن يأخذه فزرعته ونميته حتى اشتريت له بقرا ورعاءها فجاءني بعد حين فقال: يا هذا اتق الله ولا تظلمني وأعطني حقي، فقلت: اذهب على تلك البقر ورعائها فهو، فقال: اتق الله ولا تهزأ بي، فقلت: لا استهزئ بك فخذ ذلك، فأخذها وذهب فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما بقي من الصخرة ففرج الله عنهم وخرجوا يمشون» [رواه البخاري ومسلم].
فتأمل – أخي الكريم – في فضيلة العفة كيف يزحزح الله بها الصخور، ويفرج بها الكرب في أحلك اللحظات غما وهما، فلقد توسل ذلك العفيف، بعفته عن الفاحشة وقيامه من بين يدي ابنة عمه..لما لامست كلمة التقوى نخوة إيمانه، ونزلت بردا وسلاما على نار شهوته فأخمدتها ودحرتها.. فإذا به يقوم خشية من الله..ورغبة في تقواه.. وحفظا لحقه ومحارمه.. لأجل موعظة بليغة من ابنة عمه: «يا عبد الله اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه !».
فاتق الله أخي الكريم، واستعفف عن المحارم صغيرها وكبيرها، يكن لك ذلك فرجا من الهموم في الدنيا وذخرا في الآخرة.. ولا عجب فالعفة تفتت الحجر !!.
مختارات