الموعظة العاشرة
الموعظة العاشرة
قال ابن القيم رحمه الله مبينًا بعض ثمار الصلاة الخاشعة: «هي (أي الصلاة) منهاة عن الإثم، ودافعة لأدواء القلب، ومطردة للداء عن الجسد، ومنورة القلب، ومبيضة للوجه، ومنشطة للجوارح والنفس، وجالبة للرزق، ودافعة للظلم، وناصرة للمظلوم، وقامعة لأخلاط الشهوات، وحافظة للنعمة ودافعة للنقمة، ومنزلة للرحمة، وكاشفة للغمة، وحافظة للصحة، ومفرحة للنفس، ومذهبة للكسل، وممدة للقوى، وشارحة للصدر، ومغذية للروح، وجالبة للبركة، ومبعدة عن الشيطان ومقربة من الرحمن»(كتاب زاد المعاد – لابن القيم -).
وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من امرئ تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت له كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يأت كبيرة وذلك الدهر كله». وفي حديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه».
وكان ابن الزبيررضى الله عنه إذا قام في الصلاة كأنه عود من الخشوع، وكان يسجد فتنزل العصافير على ظهره لا تحسبه إلا جذع حائط !! وقال ميمون بن مهران رحمه الله: «ما رأيت مسلم بن يسار ملتفتًا في صلاة قط، ولقد انهدمت ناحية من المسجد ففزع أهل السوق لهدمها وإنه لفي المسجد يصلي فما التفت».
وكان علي بن الحسين رضي الله عنهما إذا توضأ اصفر لونه! فقيل له: ما هذا الذي يعتادك عند الوضوء؟ فقال: أتدرون بين يدي من أريد أن أقوم؟.
يقول ابن القيم رحمه الله وهو يتحدث عن فوائد الصلاة الخاشعة: وبالجملة: فلها (أي للصلاة) تأثير عجيب في حفظ صحة البدن والقلب وقواهما، ودفع المواد الرديئة عنهما، وما ابتلي رجلان بعاهة أو داءٍ أو محنة أو بليةٍ إلا كان حظ المصلي منهما أقل وعاقبته أسلم.
وسر ذلك أن الصلاة صلة بالله عز وجل وعلى قدر صلة العبد بربه عز وجل تفتح عليه من الخيرات أبوابها، وتقطع عنه من الشرور أسبابها، وتفيض عليه مواد التوفيق من ربه عز وجل.
والعافية والصحة والغنيمة والغنى والراحة والنعيم، والأفراح والمسرات، كلها محضرة لديه ومسارعة إليه (كتاب زاد المعاد – لابن القيم).
كان العبد الصالح خلف بن أيوب رحمه الله تعالى لا يطرد الذباب عن وجهه في الصلاة !! فقيل له: كيف تصبر على ذلك؟ فقال: بلغني أن الفساق يتصبرون تحت السياط ليقال: فلان صبور، وأنا في صلاتي أقف بين يدي ربي، أفلا أصبر على ذباب يقع علي (كتاب المستطرف – للأبهيشي -) !.
أخي: الأيام لك مطايا، فأين العدة قبل المنايا؟ أين الأنفة من دار الرزايا؟! أين العزائم أترضى بالدنايا؟! إن بلية الهوى لنا تشبه البلايا !! وإن خطيئة الإصرار لنا كالخطايا !! وسرية الموت لا تشبه السرايا !! وقضية الزمان لا كالقضايا، راعي السلامة يقتل الرعايا، ورامي التلف يصمي الرمايا، ملك الموت لا يقبل الهدايا، يا مستور ستظهر الخبايا، وتكشف الخفايا (كتاب التبصرة – لابن الجوزي – (بتصرف)!.
مختارات