اسم الله الولي 1
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى : ( الولي ) :
أيها الأخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى ، والاسم اليوم " الولي " هذا الاسم ورد مطلقاً معرفاً ، معنى مطلق ؛ كأن تقول : قلم ، أي قلم ، أما إذا قلت : قلم المعلم ، أضفت القلم إلى المعلم ، أي قيدته بالمعلم ، فإذا جاء الاسم مضافاً فهو مقيد ، وإذا جاء غير مضاف فهو مطلق .
ورود اسم الولي في القرآن الكريم مطلقاً معرفاً ومقيداً :
إذاً هذا الاسم ورد مطلقاً معرفاً في قوله تعالى : " أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " [الشورى:9] .
ولا ولي سواه ، ورد مطلقاً معرفاً ، وفي قوله تعالى : " وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ " [الشورى:28] .
وقد ورد هذا الاسم مقيداً ( أي مضافاً ) في نصوص كثيرة ، كقوله تعالى : " إِإِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ ۖ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ " [الأعراف:196] .
وفي قوله سبحانه وتعالى : " إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا " [المائدة:55] .
على المؤمن أن يتعامل مع المؤمن بالولاء ومع الآخر ولو كان قريباً بالواجب :
أيها الأخوة ، في السنة الصحيحة ، كما في البخاري من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال : " سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول جهارا غير سِرّ : إِن آل أبي ليسوا بأوليائي ، إِنما وَلِيِّيَ اللهُ وصالحُ المؤمنين ولكن لها رحم أبُلُّهَا بِبلالها " [البخاري] .
أي أصِلُها بصلتها التي أُمرت بها ، كلام دقيق ، أنت مؤمن ، من توالي ؟ من تحب ؟ من تعاشر ؟ مع من تتعاون ، مع من تعمل ؟ مع المؤمنين ، لكن لك أب ، قد يكون هذا الأب ليس كما ينبغي ، الله أمرك أن تبره ، وأن تُحسن إليه ، وأن تصله ، الولاء شيء والواجب شيء آخر .
يعني أنا ولائي ، محبتي ، إخلاصي ، تعاوني مع المؤمنين ، ورد في بعض الأحاديث : " لا تُصَاحِبْ إِلا مُؤْمِنا ، ولا يأكُلْ طَعَامَكَ إِلا تَقِيّ " [أبو داود والترمذي] .
أنت لا ترتاح إلا مع المؤمن لأنه صادق ، لأنه متواضع ، لأنه منصف ، لأنه رحيم ، لأنه متعاون ، تتعامل مع المؤمن بالولاء ، وتتعامل مع الآخر ولو كان قريباً بالواجب .
" وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ " [لقمان:15] .
على المؤمن أن يؤدي واجبه لكل من يلوذ به شاء أم أبى أما قلبه مع المؤمنين الصادقين :
هناك واجبات ، و هناك حقوق ، يجب أن تصله ، أن تحسن إليه ، أن تقدم له ما يحتاج لأنه أبوك ، أما إذا كان الأب مؤمناً يجتمع له الولاء والواجب ، أما في آباء على غير ما ينبغي ، في أقارب ليسوا كما ينبغي ، في أقارب لا يقبلون من ابنهم أن يكون مستقيماً، مثلاً في حالة موجودة ، ينبغي أن يكون ولاؤك لله ، ولرسوله ، وللمؤمنين ، وينبغي أن تؤدي واجبك لكل من يلوذ بك شئت أم أبيت .
" إِن آل أبي ليسوا بأوليائي ، إِنما وَلِيِّيَ اللهُ وصالحُ المؤمنين ولكن لها رحم أبُلُّهَا بِبلالها " [البخاري] .
أي أصلها بصلتها التي أُمرت بها ، هذا الكلام مفاده : أن المؤمن يتمتع بما يسمى بالولاء والبراء ، يوالي المؤمنين ، يحمل همهم ، ينصرهم ، يتعاون معهم ، يتألم لألمهم ، يسعد لسعادتهم ، يفرح لمنجزاتهم ، يدافع عنهم ، أما أقرباؤه لهم حق عليهم ، يؤدي هذا الحق بالتمام والكمال ، لكن قلبك مع المؤمن ، لولا أن هناك حالات كثيرة جداً ، أن إنساناً تعرف إلى الله ، واستقام على أمره ، ومن حوله من أقربائه ليسوا كذلك ، يؤدي لهم واجب القرابة لكن ولاؤه للمؤمنين ، هذا موقف متوازن ، معتدل ، هذا موقف تؤدى فيه الحقوق أما قلبك لا تملكه ، قلبك مع المؤمنين ، قلبك مع الصادقين ، مع المتواضعين ، مع المنصفين ، مع المحبين لله ولرسوله .
معنى الولي في اللغة :
أيها الأخوة ، أما معنى " الولي " في اللغة ، هي صيغة مبالغة من اسم الفاعل الوالي ، الوالي صيغة مبالغته " الولي " فعله ولي ، يلي، ولاية .
و " الولي " هو الآن الذي يلي غيره ، فلان جالس هنا ، الولي إلى جانبه ، الذي يلي غيره ، بلا فاصل ، يعني ليس بينهما أحد ، إنسان جالس بمكان من جالس إلى جانبه تماماً هو " الولي " الذي يليه ، ويكون هذا التقارب في المكان ، أو النسب ، أخوه ، ابن أخيه ، عمه ، إما في المكان ، أو في النسب .
ويطلق " الولي " على الوالد ، أولياء الطلاب ، يعني الوالد ، والناصر وليه نصره والحاكم أولوا الأمر ، والسيد ، فالسيد ، والحاكم ، والناصر ، والوالد ، هو " الولي " والذي يجلس إلى جانبك ليس بينك وبينه أحد هو " الولي " .
من تواضع النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يحب التميز :
أما الولاية كمصدر تولي الأمر كقوله تعالى : " فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ " [البقرة:282] .
من يتولى أمرك ، من يدير شؤونك ، من يرعاك ، من ترجع إليه ، من تستشيره ، من تعتمد عليه ، وعند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إِذا صنعَ لأحدكم خادمُهُ طعاماً ، ثم جاءه به وقد وليَ حرَّه ودخانه ، فليُقعده معه فليأكل " يعني لك خادم صنع لك طعاماً ، ليأكل معك ، من تواضع النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأكل مع الخادم ، أي ما كان يحب التميز .
كانوا في سفر وأرادوا أن يعالجوا شاةً ، فقال أحدهم : عليّ ذبحها يا رسول الله ، فقال الثاني : وعليّ سلخها ، وقال الثالث : عليّ طبخها ، فقال عليه الصلاة والسلام : وعليّ جمع الحطب ، فقالوا : نكفيك ذلك يا رسول الله ، قال : أعلم أنكم تكفوني ، ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه ، هذا من تواضع النبي عليه الصلاة والسلام .
دخل عليه أعرابي ما عرفه ، قال : أيكم محمد ؟ والله يستنبط من هذه القصة القصيرة آلاف الاستنباطات ، ما في تميز أبداً ، أيكم محمد ؟ قال أحد أصحابه : ذاك الوضيء ، وفي رواية : قال النبي الكريم : أنا ، ما في أي تميز ، هذا مجتمع المؤمنين .
" إِذا صنعَ لأحدكم خادمُهُ طعاماً ، ثم جاء به - وقد وليَ حرَّه ودخانه - فليُقعده معه فليأكل " [مسلم] .
العاقل من أعدّ لساعة الموت عدتها :
أيها الأخوة ، لاشك أن الحياة محفوفة بالمخاطر ، يعني إنسان بكل قوته ، وجبروته ، وهيمنته ، وحجمه المالي بثانية واحدة تتجمد قطرة دم في أحد أوعية دماغه يصاب بالشلل ، بمكان آخر يصاب بالعمى ، بمكان آخر يصاب بفقد الذاكرة ، يعني لو أن الدم تجمد في أي مكان احتشاء ، جلطة ، حادث سير أصبح مشلولاً ، ركب طائرة وقد مات جميع ركابها ، يعني الحياة كلها مخاطر ، ما في إنسان يضمن أن يعيش ساعة ، وقد يأتي الموت بأسرع من لمح البصر ، قد يكون رجلاً فإذا به خبر ، لصقت على الجدران نعوته .
لذلك من أقوال سيدنا عمر : واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا وسيتخطى غيرنا إلينا ، فلنتخذ حذرنا .
كل واحد يقرأ في اليوم عشرات النعوات ، لكن لابدّ في أحد الأيام من أن يقرأ الناس نعوتنا ، كل يوم يخرج من بيته قائماً على قدميه ، لكن في مرة واحدة لابدّ منها يخرج في نعش ولا يعود ، يدخل إلى المسجد كل يوم ، لكن في مرة واحدة يدخل إلى المسجد في نعش لا ليصلي بل ليُصلى عليه ، هنا البطولة أن تعد لهذه الساعة التي لابدّ منها عدتها .
الحياة محفوفة بالمخاطر فعلى الإنسان أن يغتنم صحته وقوته قبل فوات الأوان :
لذلك الحياة محفوفة بالمخاطر ، أحياناً فقر مفاجئ ، والحديث الشريف : " بادِرُوا بالأعمال سبعا : ـ بادروا أي سارعوا ـ فماذا ينتظر أحدكم من الدنيا ؟ ـ دقق ـ هل تُنْظَرون إلا فَقْرا مُنْسيا " [الترمذي والنسائي] .
فقر مفاجئ ، الأسعار عشرة أضعاف ، رأسمالك لا يسمح لك أن تستعيد هذه البضاعة بعد ارتفاع سعرها ، كساد مفاجئ ، جفاف .
" هل تُنْظَرون إلا فَقْرا مُنْسيا ، أو غِني مُطغيا " غنى يحمل صاحبه على أن يعصي الله ، بلاء هذا .
" أو مَرَضاً مُفسِداً " يفسد على الإنسان حياته ، يجعل حياته جحيماً لا يطاق ، والله أسمع كثيراً فجأة فشل كلوي ، يحتاج إلى زرع كلية ، دخل في متاهة تنظيف الكلية ، ثلاث مرات بالأسبوع وكل مرة مبلغ ضخم ، وثمان ساعات على السرير ، وآلام ، الإنسان إما أن يصاب بالفقر فينسيه كل شيء وكاد الفقر أن يكون كفراً ، أو غنىً يحمل الغني على معصية الله والكبر .
" أو مَرَضا مُفسِدا ، أو هَرَما مُفنِدا " تقدمت به السن ، يعيد القصة مئة مرة ، ظلّه ثقيل ، يكره الناس ومن حوله وجوده ، يتهربون منه .
" أو موتا مُجْهِزا ، والدجالَ " الذي يأتي إلى بلاد ليقيم فيها الحرية والديمقراطية ، فإذا به يسفك الدماء وينهب الثروات .
" والدَّجَّالُ شَرُّ غائب يُنَتظَرُ ، والساعةَ ؟ والساعةُ أدْهَى وأمرُّ " [الترمذي والنسائي] .
دققوا في هذا الحديث : " بادِرُوا بالأعمال سبعا : فماذا ينتظر أحدكم من الدنيا ؟ هل تُنْظَرون إلا فَقْرا مُنْسيا ، أو غِني مُطغيا ، أو مَرَضا مُفسِدا ، أو هَرَما مُفنِدا ، أو موتا مُجْهِزا والدجالَ ؟ والدَّجَّالُ شَرُّ غائب يُنَتظَرُ ، والساعةَ ؟ والساعةُ أدْهَى وأمرُّ " [الترمذي والنسائي] .
إذاً هناك أخطار لا تعد ولا تحصى ، أخطار بالصحة ، أخطار بالعمل ، أخطار بالدخل ، أخطار بالرزق ، أخطار أسرية ، أخطار عامة ، اجتياح ، فقد الأمن ، هناك مصائب لا تعد ولا تحصى ، هذه المصائب تقلب حياة الإنسان إلى جحيم ، إلى شقاء ، بأسباب تافهة يقود مركبته أخذته سنة من النوم ، تدمرت حياته كلها ، فجأة ورم خبيث ، في ريعان شبابه .
أعرف إنساناً أخذ أعلى شهادة من فرنسا بالجيولوجيا ، وتسلم منصباً رفيعاً جداً ، وله مكانة كبيرة ، وبيت فخم ، وزوجة ، وكل شيء ، فقد بصره ، راعوه شهر ، يأتي موظف يعرض عليه المعاملات ، ويعطي رأيه ويوقع ، لكن بعدها سُرح ، زاره صديق لي قال له : يا فلان ! أتمنى أن أجلس على الرصيف أتكفف الناس ، وأن يرد الله لي بصري فجأة فقد بصره .
لذلك من أدعية النبي عليه الصلاة والسلام :
" اللهم إنا نعوذ بك من فجأة نقمتك ، وتحول عافيتك ، وجميع سخطك ، لك العتبى حتى ترضى " [أبو داود] .
من أطاع الله شعر براحة لا توصف لأنه بظل الله ورعايته :
إذاً في أخطار كثيرة تجعل حياة الإنسان جحيماً لا يطاق ، فمن الذي يحمي المؤمن ؟ من يحفظه ؟ من يربيه ؟ من يرشده ؟ من يرعاه ؟ من يؤيده ؟ من ينصره ؟ من يدافع عنه ؟ من ينبهه ؟ إنه الله .
" اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ " [البقرة:257] .
الإنسان إذا أطاع الله شعر براحة كبيرة ، إذا أطاع الله شعر بالأنس ، شعر بحماية الله ، هو في ظل الله ، هو في رعايته ، معنى قوله تعالى : " فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا " [الطور:48] أي برعايتنا ، وبحفظنا ، وبتوفيقنا ، وبتأييدنا ، وبنصرنا .
الله تعالى هو المتولي لأمور خلقه والقائم على تدبير ملكه :
أيها الأخوة ، الله هو " الولي " معنى " الولي " هو المتولي لأمور خلقه ، القائم على تدبير ملكه ، الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه ، كما قال سبحانه : " وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ " [الحج:65] .
يعني مثل بسيط : كتلتان مغناطيسيتان ، وضعناهما على مستوٍ ، وجئنا بكرة فولاذية وضعنا هذه الكرة بينهما ، يعني في مكان لو أزحته واحد من مئة من المليمتر تنجذب هذه الكرة الحديدة إلى إحدى الكتلتين ، أما في مكان وسط هندسي دقيق جداً تتوازن جاذبيات كل كتلة تبقى في مكانها ، هذه حالة ، الكتلتان متساويتان في الحجم ، لو كتلة أكبر وكتلة أصغر الحساب صار أدق ، يجب أن تكون في مكان بين الكتلتين لكن ليس في المنتصف ، في مكان يتناسب مع جذب الكتلة الأكبر ، وجذب الكتلة الأصغر ، لو في ثلاث كتل ، أصعب ، لو في أربعة ، أصعب ، لو في خمس كتل متفاوتة بالحجم ، وأنت يجب أن تضع كرة حديدية بين هذه الكتل الحسابات لا تنتهي ، وقد يكون شيئاً مستحيلاً ، وإن كانت هذه الكتل في الفراغ شيء أعلى ، شيء أدنى ، شيء أقرب ، شيء أبعد، شيء أكبر ، شيء أصغر ، هذا يسميه العلماء توازن الحركي .
الكون من آيات الله الدالة على عظمته :
هكذا الكون ، مجرات ، وكواكب ، ونجوم ، وكبير ، وصغير ، وكثيف ، وغير كثيف ، والمحصلة توازن حركي ، هذا من آيات الله الدالة على عظمته ، يعني المحصلة في توازن ، الأرض ، والقمر ، والشمس ، المجموعة الشمسية ، وفي مليون مليون مجرة ، وبكل مجرة في مليون مليون نجم وكوكب ، والمحصلة توازن ، بحسب قانون التجاذب ، الأكبر يجذب الأصغر .
الأرض تسير حول الشمس ، في مسار إهليلجي ، طبعاً المسار الإهليلجي في قطر أصغر وقطر أكبر ، إذا انتقلت الأرض من القطر الأكبر إلى الأصغر ، المسافة قلّت بعدها عن الشمس أصبح أقل ، إذاً احتمال أن تنجذب إلى الشمس احتمال قائم ، وإذا انجذبت الأرض إلى الشمس تبخرت في ثانية واحدة ، ما العمل ؟ الله عز وجل بيده ملكوت كل شيء ، يرفع سرعة الأرض من هذه السرعة الجديدة تنشأ قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة ، فتبقى في مسارها .
" إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا " [فاطر:41] .
الآن حينما تنتقل من القطر الأصغر إلى القطر الأكبر ، المسافة زادت واحتمال تفلت الأرض من جاذبية الشمس قائمة ، ما الذي يحصل ؟ يخفض الله سرعتها ، هذه السرعة القليلة تنشأ قوة نابذة أقل تكافئ القوة الجاذبة الأقل فتبقى في مكانها ، لذلك : " وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ " .
ولاية الله لعباده على وجهين :
وقال تعالى : " أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ " [الرعد:33] .
معنى دقيق جداً ، كالطبيب تماماً ، زار مريضاً ، قرأ التحليل ، الضغط مرتفع جداً ، أعطى أمراً بإيقاف الملح فوراً ، القضاء حكم ، والقدر علاج ، أحياناً الضغط منخفض جداً يعطي أمراً بإضافة ملح زائد إلى الطعام ، الملح يحبس السوائل ، الضغط يتوازن ، أي موضوع القضاء والقدر شيء مبسط، واضح ، القضاء حكم ، والقدر معالجة .
يرى الإنسان شارداً يُقدم له مصيبة تردّه إليه ، الإنسان مقبل ، يقدم له عطاء يكرمه به ، فالقضاء والقدر الله عز وجل نظر إليك ، حكم عليك بحالة ، هيأ لك علاجاً لهذه الحالة ، إما تأديباً ، أو تكريماً ، هذا القضاء والقدر ، أوضح مثل : طبيب مرّ على مريض وجد ضغطه مرتفعاً قال : لما علم أن ضغطه مرتفع قال : أوقفوا الملح ، الملح قضاء ، وإيقاف الملح قدر " أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ " وولاية الله لعباده على وجهين ، وهذان الوجهان يأتي شرحهما إن شاء الله في درس قادم .
والحمد لله رب العالمين