شرح دعاء "اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع، ومن دعاء لا يسمع، ومن نفس لا تشبع، ومن علم لا ينفع، أعوذ بك من هؤلاء الأربع"
(اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ، ومِنْ دُعَاءٍ لاَ يُسْمَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لاَ تَشْبَعُ، وَمِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَؤُلاَءِ الأَرْبَعِ)([1]).
الشرح:
قوله: (اللَّهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع): يا اللَّه الذي له الأسماء الحسنى، والصفات العُلا، أعذني من قلب لا يخشع لذكرك وموعظتك، ولا تؤثّر فيه النصيحة، وذلك القلب القاسي، قال تعالى:"فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ"([2]).
قوله: (ومن دعاء لا يُسمع): أعوذ بك من دعاء لا يُستجاب، ولا يُعتدّ به، فكأنه غير مسموع، وذلك بأن يكون الدعاء يكرهه اللَّه؛ لما فيه من إثم أو قطيعة رحم، وكون الداعي لم يأت بشروط الدعاء، من الإخلاص، والمأكل الحلال، وغير ذلك، ومن لم يستجب اللَّه دعاءه فقد خاب وخسر؛ لأنه طُرد من الباب الذي لا يُستجلب الخير إلا منه، ولا يُستدفَع الضرُّ إلا منه؛ لأن اللَّه تعالى كريم سميع قريب، مجيبٌ للدعاء، فمن حُرم ذلك فقد حُرم الخير كله، والعياذ باللَّه.
قوله: (ومن نفس لا تشبع): وأعوذ بك من نفس لا تقنع بما أتيتها من خيرك وعطائك، ولا تشبع من جمع الحطام، والحرام، ولا تشبع من كثرة الطعام، والإنعام الذي يؤدي إلى (النهمة).
قوله: (وأعوذ بك من علم لا ينفع): أعذني من علم لا أعمل به، ولا أنتفع به، ولا أُعلِّمه، ولا يُهذّب الأخلاق والأعمال والأقوال؛ لأن العلم النافع هو الذي يزيد في الخوف من اللَّه تبارك وتعالى، ويزيد في بصيرة العبد بعيوب نفسه، وآفات عمله، ويزهّد في الدنيا([3]).
قوله: (أعوذ بك من هؤلاء الأربع): زيادة في تأكيد أهمية الاستعاذة من هؤلاء الأربع.
([1]) الترمذي، كتاب الدعوات، باب حدثنا أبو كريب، برقم 3482، وأبو داود، كتاب الوتر، باب في الاستعاذة، برقم 1549، والنسائي، كتاب الاستعاذة، الاستعاذة من الشقاق والنفاق، برقم 5470، وأحمد، 11/ 120، برقم 6561، وابن أبي شيبة، 10/ 192، وعبدالرزاق، 10/ 439، وصححه العلامة الألباني في صحيح سنن أبي داود، برقم 1384 – 1385، وفي صحيح الجامع، برقم 1297.
([2]) سورة الزمر، الآية: 22.
([3]) تحفة الذاكرين، ص 419، فيض القدير، 2/ 153، 5/ 478، الفتوحات الربانية،3/132.
مختارات