الجزاء من جنس العمل
الجزاء من جنس العمل…هذه مقولة كثيرا ما نسمعها والحق أن القرآن قد قررها في غير ما موضع.فهناك صور لجزاءات حينما يتفكر فيها المرء ويتدبرها يجدها مناسبة بل ومتطابقة لفعل أصحابها:
1. {وسئلهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت…فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين}[الأعراف:163-166]مُسخوا قردة خاسئين، والذنب الذي فعلوه أنهم فعلوا شيئاً صورته صورة المباح ولكن حقيقته غير مباح،فصورة القرد شبيهة بالآدمي،ولكنه ليس بآدمي، وهذا لأن الجزاء من جنس العمل.[ابن عثيمين:تفسير سورة البقرة ] 2. {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعا…فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعلمون}[السجدة:16-17] تأمل:كيف قابل ما أخفوه من قيام الليل بالجزاء الذي أخفاه لهم.وكيف قابل قلقهم واضطرابهم على مضاجعهم حين يقومون إلى صلاة الليل بقرة الأعين في الجنة.[ابن القيم:الروح.بتصرف] 3. {والبيت المعمور}[الطور:4]هذا البيت هو كعبة أهل السماء، ولهذا وُجد إبراهيم الخليل عليه السلام مسنداً ظهره إلى البيت المعمور؛ لأنه باني الكعبة الأرضية والجزاء من جنس العمل.ابن كثير:تفسير القرآن العظيم. 4. وعظ أبو الوفاء ابن عقيل مرة فقال:يا من وجد في قلبه قسوة انظر لعلك نقضت عهداً بينك وبين الله فإن الله يقول: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية}[المائدة:13]. {آمِنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوهاً فنردها على أدبارها}[النساء:47]قال ابن القيم رحمه الله:فإذا كان يوم القيامة جازى الله سبحانه من يشاء من الكاذبين الكاتمين بطمس الوجوه وردها على أدبارها كما طمسوا وجه الحق وقلبوه جزاء وفاقا وما ربك بظلام للعبيد.بتصرف 5. {كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها}[الحج:22] لما كان الكفار في سجن الكفر والشرك وضيقه، وكانوا كلما هموا بالخروج منه إلى فضاء الإيمان وسعته، أرجعتهم أهواؤهم وشياطينهم على حوافرهم، كانت عقوبتهم في الآخرة كذلك…[ابن القيم:روضة المحبين ونزهة المشتاقين.] 6. {كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها}[الحج:22]الكفر والفسوق كله غموم، فإن لم يخرج العبد مِنْ غَمّ ذلك في الدنيا بقي في غمه في البرزخ وفي القيامة.فما حَبَسَ العبد عن الله في هذه الدار حبسه عنه بعد الموت، وكان معذبا به في الآخرة كما كان قلبه معذبا به في الدنيا.[ابن القيم:روضة المحبين.بتصرف]
مختارات