يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات
حق التقوى طاعة الله و شكره:
أيها الأخوة الكرام، مع درس جديد من دروس يا أيها الذين آمنوا، آية اليوم:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102) ﴾
(سورة آل عمران الآية: 102)
حق التقوى أن تطيعه فلا تعصيه وأن تشكره فلا تكفره، وأن تذكره فلا تنساه
طاعة الله عز وجل واجبة على كل إنسان لأنه خالق كل شيء:
ولكن أيها الأخوة، التقوى وردت في القرآن الكريم في أكثر من ثلاثمئة موضع جمعت هذه المواضع وصنفت على الشكل التالي، أولاً:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾
(سورة البقرة)
تتقون ماذا؟ تتقون شقاء الدنيا وعذاب الآخرة، تتقون الإحباط، تتقون الضياع، تتقون المصائب، تتقون عذاباً أبدياً:
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾
(سورة البقرة)
الله عز وجل بيده ملكوت السماوات والأرض فعلى الإنسان أن يتقي غضبه و سخطه:
الآن الإله العظيم لماذا ينبغي أن نتقيه؟ أي أن نطيعه، أو أن نتقي غضبه، أو سخطه؟ قال لأن بيده ملكوت السماوات والأرض، لأنه خالق كل شيء:
﴿ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ﴾
(سورة الزمر)
لأنه:
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ َاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾
(سورة هود الآية: 123)
لأنه إذا أراد شيئاً يقول له:
﴿ كُنْ فَيَكُونُ ﴾
(سورة يس)
لأنه يملكنا، لأننا في قبضته، لأنه يحيي ويميت ويرزق ويرفع ويخفض ويرفع ويعز ويذل ويسعد ويشقي ويعطي ويمنع، بيده الأمر جميعاً:
﴿ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ﴾
(سورة الفتح)
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ ﴾
(سورة هود الآية: 123)
ما قال لك أن تعبده إلا بعد أن طمأنك أن كل شيء بيده
الله عز وجل أهْل للعبادة فعلينا أن نعبده و نتبع منهجه:
هذا الإله العظيم الذي بيده صحتك، بيده شراييننا، سيولة دمنا، سلامة أجهزتنا، سلامة أعضائنا، من حولنا، من فوقنا، من تحتنا، أزواجنا، أولادنا، أعمالنا، مستقبلنا، لذلك يقول الله عز وجل:
﴿ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ(52) ﴾
(سورة النحل)
هل هناك من جهة في الأرض تستحق أن تعبد إلا الله؟
﴿ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ(52) ﴾
(سورة النحل)
لكن الإنسان أحياناً يخضع لقوي لأنه قوي، فإذا كان هذا القوي رحيماً وكريماً وعادلاً ومحباً ورؤوفاً ولطيفاً، قال:
﴿ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ(56)﴾
(سورة المدثر)
تعبده لأنه خلق السماوات والأرض، تعبده كي تتقي عذابه، تعبده لأنه قوي، لأنه بيده كل شيء، وتعبده لأنه أهل للعبادة:
﴿ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ(56)﴾
(سورة المدثر)
يليق بك أن تفني حياتك من أجله، يليق بك أن تقدم لعباده كل خدمة إكراماً له، هو أهل التقوى و أهل المغفرة.
التفكر في مخلوقات الله و آياته الكونية والتكوينية أساس معرفته:
لكن كيف نتقي الله إن لم نعرفه؟ كيف نتقي أن نعصيه إن لم نعرف ماذا مع المعصية؟ وكيف نطيعه ونصبر على طاعته وعن معصيته إن لم نعلم ماذا ينتظرنا؟ إذا كنا من أوليائه:
﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(57) ﴾
(سورة المائدة)
يا رب كيف نؤمن بك؟ قال تعالى:
﴿ إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ(6)﴾
(سورة يونس)
طريق معرفته التفكر في مخلوقاته، طريق معرفته التفكر في الكون، التفكر في آياته الكونية وآياته التكوينية:
﴿ قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ(28)﴾
(سورة الزمر)
وأن تقرأ كلامه في تسلسل، لأنه خلقنا ينبغي أن نتقيه، لأن أمرنا بيده ينبغي أن نتقيه، لأنه أهل التقوى وأهل المغفرة ينبغي أن نتقيه، لكن لن نتقيه إلا إذا عرفناه كيف نعرفه؟:
﴿إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ(6)﴾
(سورة يونس)
نعرفه من خلقه، ونعرفه من كلامه:
﴿ قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ(28)﴾
(سورة الزمر)
المصائب رسائل من الله عز وجل للإنسان يرجعه من خلالها إلى الطريق المستقيم:
كيف لا نتقي ربنا وهو يعلّمنا كل يوم؟ يعلمنا بالوحي القرآن، يعلمنا بالأنبياء بسنة النبي عليه الصلاة والسلام، يعلمنا بالدعاة إلى الله عز وجل، يعلمنا بالتربية المباشرة، يعلمنا بالحالة النفسية، يعلمنا بالمعالجة، يعلمنا بالمصائب، المصائب رسائل:
﴿ وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آَيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (47) ﴾
(سورة القصص)
المصيبة رسالة من الله.
معاشرة الصادقين أحد حصون التقوى:
من أسباب التقوى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) ﴾
(سورة الأحزاب)
لا تكذب، الصدق يهديك إلى التقوى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾
(سورة آل عمران الآية: 102)
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) ﴾
(سورة الأحزاب)
صادقاً:
﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ (71) ﴾
(سورة الأحزاب)
كيف تتقي الله؟ عرفته، تفكرت في كونه، قرأت كلامه، أما البيئة الاجتماعية سيئة جداً تغريك بالمعصية، قال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) ﴾
(سورة التوبة)
أنت بحاجة إلى بيئة إيمانية، إلى جو إيماني، إلى أصدقاء مؤمنين، إلى أسرة متعاونة، إلى عمل شريف، إلى زملاء في العمل يخافون الله، لذلك أخطر شيء في حياة الإنسان أن يعيش في بيئة تناقض الإيمان هذه البيئة تغري، والإنسان كما تعلمون إذا جلس بين التجار وسمع عن أرباحهم يتمنى أن يكون تاجراً، وإذا جلس لا سمح الله ولا قدر مع المنحرفين وحدثوه عن مغامراتهم ربما هذه القصص تغريه أن يسقط معهم، فلذلك أحد حصون التقوى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) ﴾
(سورة التوبة)
العمل الصالح وسيلة الإنسان للوصول إلى التقوى:
أنت الآن مع الصادق لكن هل هناك شيء مسرع؟
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ (35)﴾
(سورة المائدة)
العمل الصالح وسيلة:
﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ (10) ﴾
(سورة فاطر)
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ (35)﴾
(سورة المائدة)
صحبة الصالحين هي الوسيلة، الأصدقاء المؤمنون، الأعمال الصالحة، إنفاق المال هذه كلها وسائل:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ (35)﴾
(سورة المائدة)
الإيمان نصفه صبر:
لكن وطن نفسك على أن طريق الإيمان ليس طريقاً محفوفاً بالورود والرياحين هناك أشواك:
(أَلَا إِنَّ عَمَلَ الْآخرة حَزْنٌ بِرَبْوَةٍ، و إِنَّ عَمَلَ النَّارِ سَهْلٌ بِشَهْوَةٍ)
[ضعيف عن عبد الله بن عباس]
حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات لذلك:
﴿ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ (90) ﴾
(سورة يوسف)
الإيمان نصفه صبر، هناك أشياء مغرية كثيرة، أشياء محببة للنفس، المال يغري، المرأة تفتن، الدنيا خضرة نضرة سمها في دسمها فلذلك:
﴿ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (90) ﴾
(سورة يوسف)
التعامل مع الله عز وجل يُكفّر عن الإنسان سيئاته و يُعظم له الأجر:
ثم يقول الله عز وجل يحث الهمم:
﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (16) ﴾
(سورة التغابن)
ابذلوا كل الوقت وكل الجهد، إلا أن التعامل مع الله يتميز بشيء رائع، أنت مع بني البشر إن لم تنجز لا تستحق الأجر، لكن مع الله حينما تبدأ بخطوة نحوه ويأتي الموت يكتب لك كل الخير وكأنك وصلت إلى نهاية الطريق، لذلك قال تعالى:
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا(5) ﴾
(سورة الطلاق)
تيسير أمور المؤمن بتوفيق الله عز وجل له:
هل هناك من شيء أحب إلينا جميعاً من التيسير:
﴿ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْن * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى ﴾
(سورة الليل)
لذلك:
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا(4)﴾
(سورة الطلاق)
زواجه ميسر، يرزقه الله زوجة صالحة تسره إذا نظر إليها، تحفظه إن غاب عنها، تطيعه إن أمرها، يرزقه الله أولاداً أبراراً، يرزقه الله صحة، يرزقه سمعة:
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
(سورة الطلاق)
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا(4)﴾
(سورة الطلاق)
والله أيها الأخوة، ما من شيء أحب إلى الإنسان من التيسير، أمر ميسر، سفر ميسر، دراسة ميسرة، زواج ميسر، ولادة ميسرة، أحياناً لسبب تافه تموت المرأة عند الولادة، لذلك المؤمن من خصائصه أن أموره ميسرة.
وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً:
لكن الآية التي يكتب عنها مجلدات والله الذي لا إله إلا هو زوال الكون أهون على الله من ألا تحقق هذه الآية:
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
(سورة الطلاق)
حدثني أحد العلماء في الشام الأجلاء جاءه شاب قال له: أنا دخلي لا يكفي نفقتي، وأنا في مقتبل العمر، ليس عندي بيت، وليس هناك أمل في أن أتزوج ماذا أفعل؟ هذا العالم الجليل قال له اتقِ الله، قال هذه أين تصرف؟ كأنه استهزأ به، هذا الشاب تأمل في كلام هذا العالم اتق الله هو موظف في محل، ما معنى موظف مؤمن؟ ضبط دوامه، عامل الزبائن وكأن المحل له، وكأن الأرباح كلها له، بالغ في خدمة الزبائن، بالغ في نصحهم، بالغ في دوامه، شيء يلفت النظر، هذا صاحب المحل أضمر في نفسه شيئاً، أضمر أن يزوجه ابنته، وهو رجل ميسور يحب أن يشتري له بيتاً ولئلا يعلمه عن ذلك قال له أنا أريد أن تعينني في شراء بيت، هذا البيت لا يعجبني إلى أن قال هذا البيت جيد فاشتراه له، ثم عرض عليه ابنته وكانت بنتاً رائعة، وتزوج وجاء إلى هذا العالم الجليل قال له: والله يا سيدي سامحني لما قلت لي اتقِ الله استهزأت بكلامك لكنني بعد حين أيقنت أن هذا كلام الله:
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
(سورة الطلاق)
والذي حصل معي كذا وكذا، أنا عندي بيت، الآن متزوج، اتقى الله، أقسم لكم بالله زوال الكون أهون على الله من أن تخلص في تقواك، من أن تعامله، من أن تستقيم على أمره، من أن تخطب وده، من أن تطيعه، ثم لا تجد النتائج الباهرة المدهشة:
﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً ﴾
(سورة الطلاق)
من يتقِ الله في أموره يجعل الله له مخرجاً من كل شيء:
أيها الأخوة، ومن يتقِ الله في اختيار زوجته يختارها ذات دين بالدرجة الأولى، والجمال مطلوب لكن لا يختار جميلة بلا دين فعليك بذات الدين، الذي يتقِ الله في اختيار زوجته يجعل الله له مخرجاً من الشقاء الزوجي، والذي يتقِ الله في تربية أولاده يجعل الله له مخرجاً من عقوقهم، والذي يتقِ الله في كسب ماله يجعل الله له مخرجاً من تلف المال ومصادرة المال، ومن يتقِ الله في التوحيد يجعل الله له مخرجاً من الشرك، لكن الله عز وجل يقول آية اليوم:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾
(سورة آل عمران الآية: 102)
أن تطيعه فلا تعصيه، وأن تشكره فلا تكفره، وأن تذكره فلا تنساه.
اتصال نِعم الدنيا عند المؤمن بنعم الآخرة:
لكن أروع ما في الإيمان هذه الآية:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ (28) ﴾
(سورة الحديد)
كفالة في الدنيا وكفالة في الآخرة أي:
﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) ﴾
(سورة الرحمن)
جنة في الدنيا وجنة في الآخرة، لذلك يتمتع المؤمن بحالة عجيبة، نِعم الدنيا عند المؤمن متصلة بنعم الآخرة، وا كربتاه يا أبتِ، قال: لا كرب على أبيك بعد اليوم غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبه.
والله الذي لا إله إلا هو قرأت ودرست سبعين صحابياً شيء يلفت النظر أنه ما منهم واحد إلا وقد كان في أسعد لحظات حياته عند الموت، الموت تحفة المؤمن، الموت عرس المؤمن:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ (28) ﴾
(سورة الحديد)
الإنسان المؤمن حينما يتقي الله عز وجل ينال:
1 ـ تكريم الله عز وجل له:
لذلك إذا كنت متقياً لله فأنت أكرم الخلق والدليل:
﴿ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾
(سورة الحجرات الآية: 13)
قال له: يا سعد لا يغرنك أنه قد قيل: خال رسول الله، فالخلق كلهم عند الله سواسية، ليس بينه وبينهم قرابة إلا طاعته.
أكرم إنسان عند الله أن يتقي أن يعصيه، أي في شؤون الدنيا يوجد مناصب لن تصل إليها ما في أمل ولا بالمليار واحد أن تصل إليها، يوجد ثروات لن تملكها، يوجد عمر مديد قد لا تصل إليه، لكن الإنسان المؤمن حينما يتقي الله يصبح أكرم الناس عند الله.
2 ـ حب الله له:
وهناك شيء غير التكريم، أحياناً تكرم إنساناً لكنك لا تحبه، قال تعالى:
﴿ بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ(76)﴾
(سورة آل عمران)
يعني شيء سهل أن يحبك الله؟ شيء سهل أن يحبك خالق السماوات والأرض:
﴿ بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ(76)﴾
(سورة آل عمران)
إذاً هو يكرمك ويحبك.
3 ـ تولي الله أموره و تيسيرها:
هناك شيء ثالث ويتولاك:
﴿ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ(19) ﴾
(سورة الجاثية)
يتولاك هو وليك، هو يدافع عنك، هو يسيرك لمصلحتك.
4 ـ هو معه أينما كان:
وهناك شيء رابع هو معك:
﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا ﴾
(سورة النحل الآية: 128)
قال معك بالتأييد، ومعك بالحفظ، ومعك بالنصر، ومعك بالتمكين، الفلاح كل الفلاح، والنجاح كل النجاح، والفوز كل الفوز، والتفوق كل التفوق، والذكاء كل الذكاء، والعقل كل العقل أن تتقي الله:
﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(189)﴾
(سورة البقرة)
تقوى الله عز وجل أكبر أنواع الشكر له:
حينما سخر لك الله ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه تسخير تكريم وتعريف، فالتكريم ينبغي أن تشكره لذلك قال تعالى:
﴿ مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ ﴾
(سورة النساء الآية: 174)
آخر شيء:
﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(189)﴾
(سورة البقرة)
إنك إن اتقيت الله فهذا أكبر أنواع الشكر له، أيها الأخوة آية اليوم:
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(102) ﴾
(سورة آل عمران الآية: 102)
أي لا يأتينكم الموت إلا وأنتم على أحسن حال.
والحمد لله رب العالمين
مختارات