وهم التقليد
كتبت من قبل أن أول الحرب كلام، وأن الله تبارك وتعالى يحاسبنا على حصائد ألسنتنا - حتى التي لا نلقي لها بالاً، ولا نعيرها اهتماماً - وكتبت ألفت النظر إلى الشعارات المتحركة على السيارات، وأنها تعكس دلالات فكرية وعقيدية وأخلاقية عالية أو سافلة.. وكتبت عن أسماء المحلات والعطور والسيارات، وما تعنيه من إثارة وإساءة، وكتبت عن الشبان الذين يتحرك أحدهم حاملاً على صدره وظهره (وكابِهِ) كلمة ثور أو خنزير، أو جاموس، أو كلب، بخط عريض بارز، يظن ذلك تحضرًا، وحسن هندام.
هذه قائمة من الكلمات المرقومة على الثياب، التي يلبسها الشابات والشبان، وتحمل ألفاظًا بذيئة، أو معاني قميئة، أو إشارات دنيئة، مما رأيت، ومما قرأت، مما ينتشر في الأسواق والشوارع على الثياب وغيرها، ومما يرتبط بشكل مباشر بالإباحة الجنسية والوقاحة الذوقية التي تجرح نفس الكريم، وتحير عقل الحليم.
ولك أن تتخيل - أو أن تتوقع - فتاة متعلمة تجري على شاطئ من شواطئنا وقد حملت على ظهرها أو صدرها كلمة (أنا عاهرة) - أجلّك الله - أو جملة: أعطني قبلة، أو (أنا شهوانية أو مثيرة).
ولك أن تتخيل رجلاً محترمًا (ملء ثيابه) كتب على صدره: خنـزير أو ملحد أو صهيوني !!
هل تستبعد هذا؟
رأيت بعيني والله.. وخذ عندك من هذه الألفاظ ذات البعد الرخيص، وتجدها مكتوبة على الملابس الملونة الرخيصة والغالية وغالبا بالإنجليزية ما معناه: عارية، عاهرة، فاجرة، لا تلمسني، take me خذني، follow me اتبعني، play boy إباحي!!
ومن الجمل والعبارات التي لها علاقة بالأديان: zion صهيوني، bible الكتاب المقدس، gospel الإنجيل، Theocracy كهنوت، Trinity الثالوث، Madona العذراء وهو اسم المغنية الإباحية الشهيرة، Brahman كاهن هندوسي، Christianity النصرانية، I am Jweish أنا يهودية، Church كنيسة، Saint قديس، Clergy man كاهن Atheist ملحد، Synagogue كنيس يهودي!!
ومن الكلمات التي لها علاقة بالخمر spirit أي مشروب كحولي، Brandy مشروب مسكر، Brew إعداد البيرة.
ومن عالم الحيوان: Sow خنـزيرة، Big، Bull ثور، Dog كلب.
ومن المذاهب المشبوهة: ماسوني 666 Mason / أو FFF من رموز عبدة الشيطان.
ومن أغرب ما يكتب على التي شيرتات: نحن نشتري الناس WE BUY PEOPLE، اشترني BUY ME، طفل للبيع BOY FOR SALE!!!
والرسوم أيضا
ليس هذا فقط - عزيزي القارئ - فالرسوم الغرامية المطبوعة على الثياب في غاية من جمال اللون، ودقة الأداء، ولفت النظر، لترى شابًا يحتضن فتاة، أو امرأة شبه عارية في وضع يفتن الصخر ويذيب الحديد، أو ثورًا من ثيران المصارعة شبه عار، أو رمزًا من رموز الوثنية كالصليب، أو الين يانغ، أو رأس المعزة رمز عبدة الشيطان، أو الجمجمة النارية على أرضية سوداء وحمراء، وهي من رموزهم أيضًا.
وكثيرًا ما يتسلل الصليب في تصميمات الملابس والبادجات التي تطرز عليها. فتراه بارزًا في لونه ووضعه، لتتأكد أنه لم يوضع في هذا الموضع مصادفة، بل إنهم - حتى في تصميمات الملابس - يحرصون على إدخال زي القساوسة الأوربيين ضمن ملابس الأطفال، وهذا لا يزال شائعًا إلى يومنا هذا يلحظه المتفحص، فمن المعلوم أن لبس كهان أوروبا هو - عادة - بدلة عادية تكون تحتها فانيلة سوداء بنصف رقبة، فيها من الأمام تحت الذقن قطعة بيضاء بعرض إصبعين. وقد لاحظت أنها منتشرة كثيرًا في ملابس الأطفال، مع بعض المصطلحات النصرانية المكتوبة تحتها.
ودعك من أسماء العطور التي منها: OPIUM وتعني أفيون، و POISON سم، و WILD متوحش أو بدائي و ECSTACY نشوة، و PROPHCY نبوءة.. و.. و..
وما خفي كان أعظم
هذا - يا سادتي - الجانب المعلن، وما خفي فهو أعظم وأخطر، وأشد مكرًا، ومن نشر الشهوات، ودوس الأخلاق، ونبذ مكارم العادات، وخنـزرة البشر، وتدييثهم، تحت مسمى الانفتاح والتحضر. فعلى ماذا يدل هذا؟!
- هل يدل صراحة على السعي لتطبيع الأمة مع الرذيلة ورموزها، لتعتاد العيون، وتتأقلم النفوس، وتنحسر الحمية، ويموت في القلب الإنكار؟!
- هل يدل على أننا بلغنا مستوى من الانهزام النفسي والحضاري أمام الآخرين، جعلنا نقبل منهم أي لقمة ترمى لنا - كالمتسولين - حتى لو كانت مسمومة ملوثة بفيروسات الإيدز والدياثة؟!
- هل يدل على أن كبار الدعاة صاروا لا يساوون في سوق التأثير (مليم أحمر) وأن " المثقفين " قد تم تطويعهم، وتليين إرادتهم لدرجة يخرج منهم دعاة سافرون لهذه (البلايا الزرقاء)؟!
- هل يعني هذا أن هذا القرن الجديد سيدخل علينا ومطارق الشهوات تدق عقول الأمة، وتسحق إرادتها، لنتحول جميعًا إلى أمة ترقص " ديسكو "، وتدمن البحلقة في أجساد حسناوات " الفيديو كليب "، ثم لتغرق الشوارع بعد ذلك بالشبان والشابات الذين لا يتخلقون بخلق، ولا يتحلون بفضيلة، ولا يعرفون ما الحلال ولا الحرام، وما العفاف والانحراف؟!!
- هل يعني نجاح أعداء العفة وأعداء الأديان - خصوصًا الإسلام - في فرض مناهجهم على القلوب والعقول، في البيت والشارع، والمدرسة والسوبر ماركت، والتلفزيون والنادي؟!
إن ما كان خياليًا في الأمة قد صار مألوفًا عاديًا، وما لم يكن يطوف بالخاطر قبل خمسين سنة لا ترد الآن بالخاطر مجرد مخالفته، وما نعده عفة الآن ربما يكون بعد خمسين سنة خيالاً لكونه رجعية وظلامية وتعفنًا. أيعقل هذا؟!
ثم ماذا بعد؟!
هل سنتقدم ونكون من أهل القرن الحادي والعشرين، إذا ألقينا بالعفاف والإسلام وعزة الشرفاء تحت الأقدام؟!
لا والله.. بل سنبقى - كما نحن، أو حتى دون ما نحن عليه الآن، أمة من المتخلفين المتناحرين المستسلمين، فلا أخلاقنا حفظنا، ولا مروءاتنا أبقينا، ولا ديننا لزمنا ولا على آخرتنا عضضنا بالنواجذ.
واسألوا بانكوك وجزر الكاريبي والبرازيل وإندونيسيا وجمهوريات الاتحاد الساقط في روسيا.. وسنكون قد خسرنا الدنيا والآخرة.. ألا ذلك هو الخسران المبين !
مختارات