الـومـضـة الـثانيـة : حــدد هــدفــك
الـومـضـة الثـانيـة: حـدد هـدفـك:
ترى كيف يسافر المسافر وهو بلا مقصد؟ فبالنية يتحدد السفر وتتوضح الوجهة وعلى أساسها يخطط منهج الرحلة طالت أم قصرت، وعلى صدقها يحمل الزاد.. وهكذا سفر المؤمن لابد له من النية الصادقة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرىء ما نوى فمن كانت هجرته الى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته الى ما هاجر اليه ". [متفق عليه]
فحدد هدفك – أخى الكريم – ماذا تريد بهذا الطريق.. تحديدا واضحا لا لبس فيه، حتى تستطيع الوصول الى ما حددته.
آلتزمت لتكون شيخا مشهورا أو زعيما متبوعا.. آلتزمت وسلكت هذا الطريق لفشلك فى الحصول على الدنيا، فأردت أن تحصل عليها بزعم الاخرة.. حدد هدفك أيها المسكين، واعلم أن العليم الخبير بالنوايا بصير.
لما ذهب اعرابى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الجهاد فقسم له قسما من الفىء، قال الرجل: " ما على هذا تبعتك ! ".. فحرر نيتك: علام اتبعتنا؟!
" والنية – أيها الحبيب – أصل العبادات، وبها يتميز الصحيح من السقيم، والخالص من غيره، وبالنية تتحدد منازل السالكين، ووجهة القاصدين، ومن يريد بها وجه الله تعالى، أو يريد السفر بأى نوع كالهجرة، اذ انها قد تكون لمصلحة دنيوية، أو دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، وبهذه النية يتحدد الاخلاص الذى به يؤجر المرء على متاعب الطريق، وبه يستعذب العذاب، وبه تهون مشاق الطريق.
والاخلاص وحده يقود الى شفافية القلب، وصفاء الوجدان، لأن المؤمن لا يفكر بعده الا فى عظمة ربه ولا يتوجه الا الى خالقه.. فلا يضيره متاعب المثبطين، ولا نداء المرجفين، ولا يقعده فتور الهابطين ".
يقول ابن القيم – عليه رحمة الله -:
" فالاخلاص سبيل الخلاص، والاسلام هو مركب السلامة، والايمان شاطىء الامان ".
فاذا تحددت وجهتك – أيها السائر – وعلم مقصدك بتوحيدين هما: توحيد القصد وتوحيد المقصود، فالمقصود هو الله سبحانه وتعالى، والقصد ارادة وجهه الكريم.. اذا تحددت وجهتك هذه وعلم مقصدك هذا فقد استرحت فى هذه السفرة.. وسيتبين لك ذلك حين نذكر فيما بعد أن المشغبين كثير، والسبل مدلهمة، والعوارض تفتر العزائم.. فاذا حصل توحيد القصد وتوحيد المقصود لم يلتفت الى الاغيار.
فالنية – أخى السائر – النية.. النية بداية الطريق.. فطهر قلبك لتستعد للسفر.
مختارات