فقه أحكام الأسماء والصفات (١٠)
والله سبحانه موصوف في القرآن بالنفي والإثبات، إثبات ما يليق به من الأسماء والصفات، ونفي ما لا يليق به سبحانه، ووصفه بالإثبات أكثر.
فالإثبات: كإخباره بأنه سبحانه بكل شيء عليم، وأنه على كل شيء قدير، وأنه بكل شيء محيط، وأنه سميع بصير، وأنه رؤوف رحيم، ونحو ذلك.
والنفي: كإخباره سبحانه بأنه لا تأخذه سنة ولا نوم، ولا يعزب عنه شيء، ولا يعجزه شيء، وليس كمثله شيء، وأنه لا تدركه الأبصار، وأنه لا يمسه لغوب ونحو ذلك.
وصفات الله أوسع من أسمائه، وأفعاله أوسع من صفاته، ولهذا أطلق الله على نفسه أفعالاً لم يتسمّ منها باسم الفاعل كأراد وشاء وأحدث، ولم يسم نفسه بالمريد والشائي والمحدث، كما لم يسم نفسه بالصانع والفاعل والمتقن، وغير ذلك من الأسماء التي أطلق أفعالها على نفسه، وقد أخطأ من اشتق له من كل فعل اسماً له، فسماه الماكر والمخادع والفاتن والكائد.
وكل اسم منقسم إلى كامل وناقص لا يدخل اسمه في أسمائه الحسنى كالشائي والمريد والمتكلم، فهو وإن كانت له الإرادة والمشيءة والكلام، لكنه لا يسمى بالمريد ولا بالمتكلم ولا بالشائي، لانقسام تلك الأسماء.
والخلق غير المخلوق، فالخلق فعل الخالق عزَّ وجلَّ، والمخلوق مفعوله.
وأفعال الله عزَّ وجلَّ نوعان: متعد.. ولازم.
فالفعل المتعدي: كالخلق والرزق والإعطاء.
واللازم: مثل الاستواء والنزول والمجيء.
كما قال سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (٤)} [السجدة: ٤].
فذكر سبحانه الفعلين المتعدي واللازم وهما الخلق والاستواء، وكلاهما حاصل بمشيءته وقدرته، وهو متصف به.
والمضاف إلى الله نوعان:
أحدها: صفات لا تقوم بنفسها كالعلم والقدرة، والسمع والبصر، والكلام، فهذه إضافة صفة إلى الموصوف بها كقولنا: قدرة الله، كلام الله.
الثاني: إضافة أعيان منفصلة عنه كالبيت والناقة، والعبد والرسول ونحوها، فهذه إضافة مخلوق إلى خالقه، لكنها إضافة تقتضي التخصيص والتشريف كقولنا: رسول الله، بيت الله، ناقة الله.
وأسماء الله عزَّ وجلَّ كلها حسنى، وهي لا تدخل تحت حصر، ولا تحد بعدد.
وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عما يوجب دخول الجنة منها فقال: «إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْماً، مِائَةً إِلا وَاحِداً، مَنْ أحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ» متفق عليه (١).
ومعنى إحصاء أسماء الله، هو الإحاطة بها لفظاً، وفهمها معنىً، والتعبد لله بمقتضاها.
(١) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (٧٣٩٢)، ومسلم برقم (٢٦٧٧).
مختارات