حكم السبحه او المسبحه
اتفق الفقهاء على ان عد الذكر من تسبيح او غيره بالاصابع سنة عن النبى صلى الله عليه وسلم و انه الافضل من العد بغيرها كالحصى واستدلوا على ذلك بما ورد فى سنن ابى داوود والترمذى وقال حديث حسن غريب وعند النسائى كذلك وصححه ابن حبان والحاكم فى المستدرك ولم يتعقبه الذهبى والحــديث صحيح صحيح، ان عبد الله بن عمرو رضى الله عنه قال " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقد التسبيح بيمينه " واستدلوا ايضا بحديث يسيرة رضى الله عنها ام ياسر وهى صحابية من الانصاريات قالت " ان النبى صلى الله عليه وسلم امر النساء ان يراعين بالتكبير لا والتقديس والتهليل وان يعقدن بالانامل فانهن مسئولات مستنطقات " [سنن أبى داوود]، اذاً النبى صلى الله عليه وسلم نصح النساء بان تعقد الذكر على اصابع اليد على الانامل وقال ان هذه الاصابع ستستنطق وستكون مسئولة فاذا كان الانسان يراعى الله عز وجل فى هذا العضو من جسده بان يجعله سبيلا له للتسبيح والذكر لله سبحانه وتعالى فيكون قد أدى شكر نعمة هذه الاصابع وهذه الجوارح ها هنا لا اشكال الى هاهنا ان الافضل هو العقد على الاصابع والعد على الانامل.
لكن اختلف العلماء فى حكم عد الذكر بالحصى او النوى ونحوها كالمسبحة او السبحة على قولين: ان عد الذكر بالحصى و النوى و المسبحة جائز لا بأس به و لا اشكال فيه اذا اتخذ لغير الرياء و نحوه و الا يتخذ شعارا و بهذا القول قال بعض الحنفية و بعض الشافعية وهذا اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية فقد استدلوا على ذلك بحديث سعد بن ابى وقاص رضى الله عنه " بانه دخل مع النبى صلى الله عليه وسلم على امرأة وبين يديها نوى او حصى نسبح به فقال اخبرك بما هو ايسر عليك من هذا او افضل فقال سبحان الله عدد ما خلق فى السماء وسبحان الله عدد ما خلق فى الارض وسبحان الله عدد ما بين ذلك وسبحان الله عدد ما هو خالق والحمد لله مثل ذلك والله اكبر مثل ذلك ولا حول ولا قوة الا بالله مثل ذلك " هذا الحديث رواه الترمذى فى كتاب الدعوات وقال حديث حسن غريب وابو داوود فى سننه فى كتاب الصلاة والبغوى فى شرح السنة وابن حبان فى صحيحه وقال البغوى حديث حسن غريب وصححه ابن حبان والحاكم فى المستدرك ولم يتعقبه الذهبى وقال الحافظ بن حجر حديث صحيح ورجاله رجال الصحيح الا خزيمة من حيث الصناعة الحديثية. ووجه الدلالة ان النبى صلى الله عليه وسلم لم ينهى هذه المرأة عن ان تعقد التسبيح على هذه الحصيات او هذا النوى وانما ارشدها الى ما هو ايسر وافضل ولو كان مكروها لبين لها النبى صلى الله عليه وسلم وقال لها بالا تصنع مثل هذا لان فيه مخالفة و بدعة هذا القول الاول القول الثانى
القول الثانى فى المسألة عد الذكر بالحصى والنوى كالمسبحة بدعة وبهذا قال بعض الحنفية ومال اليه بعض اهل العلم المتأخرين وعلى رأسهم فضيلة الشيخ بكر ابو زيد رحمه الله فى رسالته السبحة تاريخها وحكمها وذكر فيها انه لا يصح فى شأن المسبحة شيء يعتد به قال " لا يصح فى مشروعية عد الذكر بالحصى او النوى حديث ". وأجاب عن حديث سعد بن أبي وقاص أن قول النبي صلى الله عليه وسلم " ألا أخبرك بما هو أيسر عليكِ من هذا وأفضل " [سنن أبى داوود].. قال بإنه أسلوبٌ عربيٌ معروف تأتي فيه صيغة أفعل على غير مرادها.. فجعل صيغة أفعل هنا من باب قول الله تعالى {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (24)} [الفرقان].. كانوا أفضل يعني أخير إستقراراً وأحسن مقيلا ولا وجه هنا للمفاضلة.. يعني أراد أن هنا أفعل ليس على بابها.. لم يُفاضل بين شيءٍ وشيء وإنما دلها على الخير مباشرة وفي هذا نظر عند محققي اللغة.. في هذا نظر،،
وجه الإستدلال ببدعية هذا:: أولاً: قالوا أن هذا يُخالف ما نُقل عن النبي صلى الله عليه وسلم من مشروعية ومن إستحباب عقد التسبيح على الأنامل.. وقالوا لم يثبت عن النبي ولا عن صحابته رضوان الله عليهم أنهم صنعوا ذلك ونُقشوا في هذا.. بأن من قال أن هؤلاء لم يصنعوا هذا.. هذه المرأة كانت تصنع شيئاً من مثل ذلك.. ورد عن أبي هريرة أنه كان له خيط يعقدهُ عقدا يجعله للتسبيح وذكر ذلك بن رجب الحنبلي في كتاب جامع العلوم والحكم وأن هذا الإقرار من قِبل النبي صلى الله عليه وسلم يُفيد المشروعية،، والزعم أنها بدعة غير صحيح إلا أن يُحمل على تلك الكيفيات التي يخترعها بعض السفهاء مما يجعلها زينة.. تعرفون هذه السُبحات والمسبحات التي يتخذها الكثير من الأثرياء ويجعلها من بعض الأحجار الكريمة وربما يتراقص بها.. ومن يتزين بها أو من يتخذها رياء.. يعمل مسبحة بشكل مُعين ومن خرزاتٍ بشكل مُعين ويُمسك بها ليشعر الناس بإنه رجلٌ ذاكر لله عز وجل.. هــــــذا هو المُخالف وهذا ما لا يُقبل بأي حال من الأحوال،،
والراجح والله تعالى أعلى وأعلم أن التسبيح بالحصى والنوى كذلك المسبحة جــــــــــــائز إلا إذا أتُخذ للرياء أو بإعتقادات بعض الجهلة ممن يجعلون هذا ورداً للطائفة الفلانية أو الطريقة العلانية.. يتخذون مسبحة مثلاً زرقاء للطريقة كذا وخضراء لكذا.. هذا كله محل مخالفة ولا هنا يكون الكلام.. هذا بإتفاق بدعةٌ مُنكرة ينبغي بحال أن تكون،، نحن نتكلم عن شيءٍ آخر..
وأنظروا إلى كلام شيخ الإسلام بن تيمية هذا الرجل المُحقق، هذا العالم النحرير حين يقول.. والكلام في مجموع الفتاوى في الجزء الثاني والعشرين صفحة 506 إلى 507.. يقول " وأما التسبيح بما يُجعل في نظامٍ من الخرز ونحوه فمن الناس من كرههُ ومنهم من لم يكرهه وإذا أُحسنت فيه النية فهو حسنٌ غير مكروه وأما إتخاذه من غير حاجة أو إظهاره للناس مثل تعليقه في العنق أو جعله كالسوار في اليد أو نحو ذلك.. فهذا إما رياء للناس أو مظنة للمرءاة ومشابهة المرائين من غير حاجة.. فإذا كان رياءاً فهذا مُحرم والثاني أقل أحواله ـ هو مظنة الرياء ـ أقل أحواله الكراهة.. فإن مرءاة الناس في العبادات المُختصة كالصيام والزكاة والذكر وقراءة القرآن من أعظم الذنوب.. أفلا ترون الله عز وجل يقول؟ {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (*) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (*) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (*) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (4-7)} [الماعون].. ألم ترى الله عز وجل يقول؟ {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)}[النساء] " إذاً كلام شيخ الإسلام هاهنا هو الضابط لهذه المسألة.. نعم، التسبيح باليد أفضل ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتخذ لنفسه مسبحة يسبح الله بها فيما نعلم والخير كل الخير في إتباعه.. لكن لا نقول هاهنا ببدعية ذلك لما ورد كما تقدم من بعض ما يُشبه ذلك على عهده صلى الله عليه وسلم وإقراره كما تقدم بيانه وكلام شيخ الإسلام في هذه المسألة ضابطٌ لها والله تعالى أعلى وأعلم
شرح الوابل الصيب للشيخ هانى حلمى
مختارات