في الصحيحين

أنَّ رَسولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: إذا صَلّى أَحَدُكُمْ لِلنّاسِ، فَلْيُخَفِّفْ؛ فإنَّ منهمُ الضَّعِيفَ والسَّقِيمَ والكَبِيرَ، وإذا صَلّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ ما شاءَ.

فتعليل النبي صلى الله عليه وسلم يدل على أن التخفيف يدور مع علة الضعف وقدرها وشدتها.

.

وقال ابن تيمية رحمه الله

فَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَتَحَرَّى الِاقْتِدَاءَ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ.

وَإِذَا كَانَ الْمَأْمُومُونَ لَمْ يَعْتَادُوا لِصَلَاتِهِ وَرُبَّمَا نَفَرُوا عَنْهَا دَرَّجَهُمْ إلَيْهَا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ فَلَا يَبْدَؤُهُمْ بِمَا يُنَفِّرُهُمْ عَنْهَا بَلْ يَتَّبِعُ السُّنَّةَ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ اه

وقد تكلم ابن القيم رحمه الله في موازنة بين من سماهم المكملين والمخففين في الصلاة

ورجح أن التخفيف المأمور به هو المبين بفعله صلى الله عليه وسلم

لكن في جواب الشيخ ابن باز رحمه الله عن سؤال حول صلاة الكسوف

س: يطول نحوًا من تطويل النبي ﷺ؟

الشيخ: على حسب الحال يرفق بالناس؛ لأن أحوال الناس اليوم ما تتحمل، غير أحوال الصحابة، يخفف بعض الشيء.

اه

وهذا يدل أن معنى التخفيف عند الشيخ باق على عمومه وأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم هو بعض أفراد العام فلا يدل على التخصيص أو بيان مجمل كما ذهب إليه ابن القيم.

فإذا كان يشق على المريض القراءة بسورة الأعلى في العشاء كانت السنة التخفيف بقراءة أقصر منها.

وأن التخفيف يختلف باختلاف أحوال الناس

وقد يقال إن هذا الجواب المعلل بتغير أحوال الناس وعدم تحملهم جواب يراعي تحصيل أعلى المصلحتين بتفويت أدناهما

فمصلحة إقامة صلاة الكسوف واجتماع الناس عليها أولى من إطالة العدد القليل فيها مع انصراف الكثير لضعفهم البدني والديني.

وهذا الجواب يقال للأئمة في صلاة الجماعة فالأسر تعاني من تربية الأبناء على الصلاة في الجماعة فإذا كان الإمام يطيل ولو كانت إطالته واردة في السنة لكن لتغير أحوال الناس يصبح هذا من أسباب قعودهم عنها

فهنا مفسدتان مفسدة تفويت التزام السنة في القراءة ومفسدة صد الناس عن الجماعة

ولا شك أن الثانية أعظم.

وأن تحصيل أعظم المصلحتين وهي إعانة الناس على الجماعة الواجبة أولى من تحصيل كمال السنة بالإطالة عند تعذر الجمع

مع أن لمراعاة أحوال المأمومين أصلا ظاهرا فيها.

هذا إذا كانت الإطالة على هدي النبي صلى الله عليه وسام فكيف إذا كانت بتمطيط وصياح وتكرار ونقص حظ من الصوت الجميل.

فهذه تشق على القوي والضعيف معا

والله المستعان.