{ولنصبرنَّ على ما آذيتمونا}
شعار المظلومين حين يُرمَون بالباطل ويُواجَهون بالعدوان، لا لذنب ارتكبوه، بل لأنهم تمسكوا بمواقفهم أو صدعوا بكلمة حق لم ترُق لبعضهم..
لكن حين يأتي الظلم من أقرب الناس، من رفقاء الطريق الذين جمعتهم بك المواقف والمبادئ والسنون، فإن الجرح أعمق، والألم أشد، ذلك أن الظلم من الغريب متوقع، أما من الأخ والصديق، فطعنة في القلب..
أن تُتَّهَم زورًا، أن يُطعَن في نيّتك، أن تُفسَّر مواقفك على أسوأ وجه، هذا كله قاسٍ؛ ولكن ما يجعل الأمر أمرّ، أن من يفعلون ذلك هم من كانوا يومًا يثقون بك وتثق بهم، يتحولون فجأة إلى خصوم، لا يراعون أخوة ولا عشرة، لا يسألون قبل أن يصدروا الأحكام، ولا ينصفون قبل أن يشيعوا الظنون..
يزيد الطين بلة أن بعضهم يكيل بمكيالين؛ فإن فعلها غيرك فهي اجتهاد، وإن فعلتها أنت فهي خيانة، يُغلِقون باب التفاهم، ويصمّون آذانهم عن التوضيح، ويعطون أنفسهم حق المحاسبة والنقد دون أهليةٍ ولا تثبتٍ ولا عدل..
ورغم كل ذلك، نقولها كما قالها المؤمنون من قبل:
{ولنصبرنَّ على ما آذيتمونا}
لا لأننا عاجزون، بل لأننا نعرف قيمة الصبر في وجه الظلم؛ لأننا نؤمن أن الحق لا يضيع، وأن الله لا يغفل عن عباده المظلومين..
الصبر هنا ليس استسلامًا..
بل عبادة وطاعة وقربةإلى الله، هو ثبات على المبادئ حين تتقلب القلوب، وتمسّك بالعدل حين يغيب في ميزان الآخرين، هو ترفع عن رد الظلم بظلم، ورد الإساءة بإساءة، لأنه لا يصلح الحقّ بالباطل، ولا يُردّ الانحراف إلا بالثبات على الاستقامة..
{وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون}
أما المظلوم، فله وعد لا يخلفه الله..
{إنما يُوفّى الصابرون أجرهم بغير حساب}
مختارات