حكم الجهر بالدعاء للمريض وتأمين الآخرين على دعائه?
السؤال: كنت أنا وبعض الإخوة نزور مريضا، فقام أحد الجالسين بالدعاء للمريض بصوت عالٍ لنؤمِّنَ وراءه، فهل يجوز ذلك؟
الجواب:
الحمد لله
الدعاء للمريض من آداب العيادة المستحبة، إذ هو أحوج ما يكون إلى دعاء الصالحين، ليخفف الله عنه ما به، ولتقوى عزيمته، وتنجبر نفسه التي كسرها المرض والابتلاء.
وهكذا كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم:
فعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه أخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم حين عاده أنه (وَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ، ثُمَّ مَسَحَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِي وَبَطْنِي، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا، وَأَتْمِمْ لَهُ هِجْرَتَهُ، فَمَا زِلْتُ أَجِدُ بَرْدَهُ عَلَى كَبِدِي فِيمَا يُخَالُ إِلَيَّ حَتَّى السَّاعَةِ)
رواه البخاري (5659) ومسلم (1628)
بل حث على ذلك صلى الله عليه وسلم، وعلمنا صيغة الدعاء التي يرجى بسببها الإجابة والشفاء.
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:
(مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ فَقَالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مِرَارٍ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَكَ، إِلاَّ عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ)
رواه أبو داود (3106) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود "
يقول الإمام النووي رحمه الله:
" يستحب للعائد إذا طمع في حياة المريض أن يدعو له، سواء رجا حياته أو كانت محتملة، وجاء في الدعاء للمريض أحاديث صحيحة كثيرة جمعتُها في كتاب " الأذكار "....- ثم ذكر طرفا منها - " انتهى باختصار من " المجموع " (5/112)
ولا فرق في استحباب الدعاء للمريض بين الفرد والجماعة، فالفرد يستحب له أن يدعو سرا أو جهرا كما جهر النبي صلى الله عليه وسلم، والجماعة يستحب لهم أن يدعوا أيضا فرادى.
ولا حرج، إن شاء الله، إذا دعا أحدهم وهم يؤمِّنون على دعائه، إذ التأمين على الدعاء دعاء، بدليل أن موسى عليه السلام دعا على فرعون وأمَّن أخوه هارون على دعائه، فسمى الله عز وجل ذلك دعاء منهما كليهما، فقال سبحانه: (قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) يونس/89.
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله:
" قال أبو العالية، وأبو صالح، وعكرمة، ومحمد بن كعب القرظي، والربيع بن أنس: دعا موسى وأمَّنَ هارون، أي: قد أجبناكما فيما سألتما من تدمير آل فرعون " انتهى من " تفسير القرآن العظيم " (4/291)
فإذا دعا أحد العائدين، وأمَّن الآخرون على دعائه: فقد تحققت السنة للجميع، ونفعت المريض بإذن الله تعالى، خاصة إذا كان في أحد الحضور من لا يستحضر دعاء يدعو به بنفسه، أو كان ذلك الدعاء الجماعي لأمر عارض يرجحه.
وانظر جواب السؤال رقم: (71968)
والله أعلم.
مختارات