القلب القاسى
فائدة
والقسوة هي الموت، والقساوة عبارة عن غلظة مع صلابة، وهي عبارة عن خلو القلب من الإنابة والإذعان لآيات الله تعالى، وهي أشد عقوبات القلب على الإطلاق، ولذا ضُرِبت بها قلوب الكافرين والمنافقين. قال مالك بن دينار: " إن لله عقوبات في القلوب والأبدان: ضنك في المعيشة، ووهن في العبادة، وما ضُرِب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب "، وأكَّد على نفس المعنى حذيفة المرعشي فقال: " ما أُصيب أحد بمصيبة أعظم من قساوة قلبه ".
فائدة
والقسوة هي الموت، والقساوة عبارة عن غلظة مع صلابة، وهي عبارة عن خلو القلب من الإنابة والإذعان لآيات الله تعالى، وهي أشد عقوبات القلب على الإطلاق، ولذا ضُرِبت بها قلوب كثرة الطعام ما هي إلا علامة على قسوة القلب وطريق مُمَهَّد موصل إلى موته، لذا غفل قساة القلوب عن سبب رئيسي لإفراطهم في الطعام وبالتالي جهلوا سبب القساوة، وهو ما أشار إليه ابن القيِّم في الفوائد: " لو تغذَّى القلب بالمحبة لذهبت عنه بطنة الشهوات. ولو كنت عذري الصبابة لم تكن... بطينا وأنساك الهوى كثرةَ الأكل ". وإن كثرة الطعام كذلك تُدخل القلب في متاهة الآفات الستة التي أشار إليها أبو سليمان الدارانى بقوله: " من شبع دخل عليه ست آفات: فقد حلاوة المناجاة، وحرمان الشفقة على الخلق ؛ لأنه إذا شبع ظن أن الخلق كلهم شباع، وثقل العبادة، وزيادة الشهوات، وإن سائر المؤمنين يدورون حول المساجد، والشباع يدورون حول المزابل ". والمنافقين. قال مالك بن دينار: " إن لله عقوبات في القلوب والأبدان: ضنك في المعيشة، ووهن في العبادة، وما ضُرِب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب "، وأكَّد على نفس المعنى حذيفة المرعشي فقال: " ما أُصيب أحد بمصيبة أعظم من قساوة قلبه ".
فائدة
كثرة النوم: النوم كالملح لا بد من قليل منه في الطعام، لكن زيادته مضرة وتجعل طعم الحياة غير مستساغ، فلكثرة النوم أضرار كثيرة، وما قسوة القلب إلا أحد نتائجها، وقد سبق وأن أحصى أبو حامد الغزالي عواقب كثرة النوم فقال: " وفي كثرة النوم: ضياع العمر، وفوت التهجد، وبلادة الطبع، وقساوة القلب، والعمر أنفس الجواهر، وهو رأس مال العبد فيه يتجر، والنوم موت، فتكثيره يُنقص العمر، ثم فضيلة التهجد لا تخفى، وفي النوم فواتها ". وكيف يكثر النوم في هذه الدنيا من ينتظر أطول رقدة له في القبر؟! وكيف يُسرِف أحد في النوم وهو أخو الموت من الرضاع؟! يا من قساوة قلبه أشد من الحجر..
فائدة
القلب القاسي.. لا القرآن يُزكِّيه ولا النظر في آيات الله يحييه، والسبب موت حواسه وتعطل عملها. قال ابن الجوزي: " رأيتُ هذه الآية: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ ﴾ [الأنعام: 46] فلاحت لي فيها إشارة كدت أطيش منها، وذلك أنه إن كان عنى بالآية نفس السمع والبصر، فإن السمع آلة لإدراك المسموعات والبصر آلة لإدراك المبصرات، فهما يعرضان ذلك على القلب فيتدبر ويعتبر، فإذا عرضت المخلوقات على السمع والبصر أوصلا إلى القلب أخبارها من أنها تدل على الخالق، وتحمل على طاعة الصانع، وتحذِّر من بطشه عند مخالفته. وإن عنى معنى السمع والبصر ؛ فذلك يكون بذهولها عن حقائق ما أدركا شُغِلا بالهوى، فيُعاقب الإنسان بسلب معاني تلك الآلات، فيرى وكأنه ما رأى، ويسمع كأنه ما سمع، والقلب ذاهل عما يتأذى به لا يدري ما يُراد به، لا يؤثر عنده أنه يبلى، ولا تنفعه موعظة تُجلى، ولا يدري أين هو، ولا ما المراد منه، ولا إلى أين يُحمل، وإنما يلاحظ بالطبع مصالح عاجلته، ولا يتفكر في خسران آجلته، فلا يعتبر برفيقه، ولا يتعظ بصديقه، ولا يتزود لطريقه، فنعوذ بالله من سلب فوائد الآلات فإنها أقبح الحالات
فائدة
لا أرى لا أسمع لا أتكلم ومن قسوة القلب كونه " أصم لا يسمع الحق أبكم لا ينطق به أعمى لا يراه، فيصير النسبة بين القلب وبين الحق كالنسبة بين أذن الأصم والأصوات، وعين الأعمى والألوان، ولسان الأخرس والكلام، وبهذا يعلم أن الصم والبكم والعمى للقلب بالذات والحقيقة، والجوارح بالفرض والتبعية، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور، وليس المراد نفي العمى الحسي عن البصر، وإنما المراد أن العمى التام على الحقيقة: عمى القلب، حتى أن عمى البصر بالنسبة إليه كالأعمى حتى يصح نفيه بالنسبة إلى كماله وقوته "
فائدة
ما أشقى قساة قلوب رانت عليها ذنوب، فلم تعد عيونهم تبصر دلائل الحق وآيات الخير، ولا ترى رسل الله نظرا لِما غطى أبصارها من قساوة وجهالة. قال تعالى: ﴿ وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا * الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا ﴾ [الكهف: 100-101] قال ابن القيم: " وهذا يتضمن معنيين: أحدهما أن أعينهم في غطاء عما تضمنه الذكر من آيات الله وأدلة توحيده وعجائب قدرته، والثاني أن أعين قلوبهم في غطاء عن فهم القرآن وتدبره والاهتداء به، وهذا الغطاء للقلب أولا ثم يسري منه إلى العين "
فائدة
اللسان: قاسي القلب الخرس أحسن من معانيه والعي أبلغ من بيانه، وقال فيه نبينا صلى الله عليه وسلم: « وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم »قاسي القلب غافل عن الغاية التي خلق الله لأجلها لسانه فلا ذكر ولا دعاء ولا خير ولا بناء، بل غيبة وفحش، وخشن قول واعتداء، والقساوة القلبية ستؤدي إلى قساوة اللفظ ولا بد.
فائدة
ومن القلوب القاسية: القلوب الممسوخة، قال ابن القيِّم وهو يتكلم عن أثر الذنوب: " ومنها مسخ القلب فيمسخ كما تُمسخ الصورة، فيصير القلب على قلب الحيوان الذي شابهه في أخلاقه وأعماله وطبيعته، فمن القلوب ما يمسخ على قلب خنزير لشدة شبه صاحبه به، ومنها ما يمسخ على خلق كلب أو حمار أو حية أو عقرب وغير ذلك، وهذا تأويل سفيان بن عيينة فى قوله تعالى: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنعام:38]. قال: منهم من يكون على أخلاق السباع العادية، ومنهم من يكون على أخلاق الكلاب، وأخلاق الخنازير، وأخلاق الحمير، ومنهم من يتطوَّس في ثيابه لحما بتطوس الطاووس فى ريشه، ومنهم من يكون بليدا كالحمار ".
فائدة
ومن أقسام القلوب القاسية: القلوب المحجوبة، فقد قال ابن القيِّم وهو يُكمل كلامه عن أثر الذنوب: " ومنها حجاب القلب عن الرب فى الدنيا، والحجاب الأكبر يوم القيامة كما قال تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾ [المطففين: 15]، فمنعتهم الذنوب أن يقطعوا المسافة بينهم وبين قلوبهم فيصلوا إليها، فيروا ما يصلحها ويزكيها وما يفسدها ويشقيها، وأن يقطعوا المسافة بين قلوبهم وبين ربهم فتصل القلوب إليه، فتفوز بقربه وكرامته وتقرَّ به عينا، وتطيب به نفسا، بل كانت الذنوب حجابا بينهم وبين قلوبهم، وحجابا بينهم وبين ربهم وخالقهم ".
فائدة
ومن أقسام القلوب القاسية: القلوب المطبوعة. قال تعالى: ﴿ وَنَطْبَعُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ﴾ [الأعراف: 100]، وأصل الطبع: الصدأ يكون على السيف ونحوه، فلا يدخلها شيء من ضوء الهدى، فصاروا بسبب استغراقهم في ذنوبهم مطبوعا على قلوبهم لا يصل إليها من النور شيء، فلا يسمعون ما يُتلى من الوعظ والإنذار، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: « من ترك الجمعة ثلاث مرات متواليات من غير ضرورة طبع الله على قلبه ».
فائدة
ومن أقسام القلوب القاسية: القلوب المكنونة كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا فِى أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِى ءاذانِنَا وَقْرٌ وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ ﴾ [فصلت: 5]، وهي جمع كِنان، وأصله من الستر والتغطية، فذكر الله في هذه الآية غطاء القلب وهو الأكنة، وغطاء الأذن وهو الوقر، وغطاء العين وهو الحجاب، والمعنى: إنا في ترك قبول أي شيء منك بمنزلة من لا يسمع ما تقول ولا يراك.
فائدة
الفرح بالمعصية والتفاخر بها والدعوة إليها كل هذه أدلة على شدة الرغبة فيها والجهل بسوء عاقبتها والاستهانة بقدر من عصاه العبد، فكل من اشتدت غبطته وسروره فليتهم إيمانه، وليبك على موت قلبه، فإنه لو كان حيا لأحزنه ارتكابه للذنب وغاظه وصعب عليه، ولا يحس القلب الميت بذلك فحيث، فما لجرح بميت إيلام. قال ابن عطاء: " من علامات موت القلب: عدم الحزن على ما فاتك من الموافقات، وترك الندم على ما فعلته من وجود الزلات ". وقد سمى ابن القيم هذه العلامة: الخسف بالقلب كما " يُخسف بالمكان وما فيه، فيخسف به إلى أسفل سافلين وصاحبه لا يشعر، وعلامة الخسف به أنه لا يزال جوالا حول السفليات والقاذورات والرذائل كما أن القلب الذى رفعه الله وقربه إليه لا يزال جوَّالا حول البر والخير ومعالي الأمور والأعمال والأقوال والأخلاق ".
فائدة
علام يبكي قاسي القلب؟! لكم أن تتوقَّعوا، هل يبكي على فوات حظه من الله أم حظه من الشيطان؟! هل يبكي على ضياع الأجر أو فوات الوزر؟! هل يبكي على الدنيا أم الآخرة؟! ألا فلتسمعوا الطنطاوي يخاطب فريقا من هؤلاء وهم عشاق لبنى وليلى قائلا: " ولا تقيموا الدنيا وتقعدوها، وتغرقوا الأرض بالدموع لأن الحبيبة المحترمة لم تمنح قُبلة وَعدت بها، ولم تصِل وقد لوَّحت بالوصل، تنظمون الأشعار في هذه الكارثة وتنشؤون فيها الفصول، تبكون وتستبكون، ثم تنامون آمنين مطمئنين، والنار من حولكم تأكل البلاد والعباد.
فائدة
قال تعالى متوعِّدا ومنذرا: ﴿ أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فهو على نور من ربه فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلوْبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ ﴾ [الزمر: 22] أي قست قلوبهم بسبب ذكر الله الذي لانت له قلوب المؤمنين وانشرحت صدورهم، فاستقبلوا الدواء على أنه داء، وتلقوا الغيث بسد المنافذ عليه، وقابلوا الضيف المحمَّل بالهدايا بالأبواب المؤصدة، فإذا ذُكر الله تعالى عندهم أو تُلِيت آياته اشمأزوا من ذلك وزادت قلوبهم قساوة وغلظة وشدة، وللمبالغة في وصف أحياء القلب بالقبول ووصف قساة القلب بالصدود ؛ فقد ذكر الله شرح الصدر دون القلب الذي يسكن فيه ليدل على شدة قبول أحياء القلوب للإسلام حتى ملأ الصدر الأوسع من القلب ؛ بعكس قساة القلوب.
فائدة
قال عطاء بن أبي رباح: " إن من قبلكم كانوا يعدّون فضول الكلام ما عدا كتاب الله أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو أن تنطق في معيشتك التي لا بد لك منها، أتذكرون أن عليكم حافظين كراما كاتبين، عن اليمين وعن الشمال قعيد، ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد، أما يستحي أحدكم لو نشرت صحيفة التي أملى صدر نهاره وليس فيها شيء من أمر آخرته ". إن من القلوب القاسية من لا يصلح معه إلا مثل هذه اللهجة القاسية، وإن كثرة الكلام بالباطل لا تعالج إلا بقوة كلام الحق، لكن عبد الله بن المبارك كان أخف لهجة حين خاطب من كان قلبه بين القساوة والحياة قائلا: وإذا ما هممت بالنطق في الباطل فاجعل مكانه تسبيحا فاغتنام السكوت أفضل من خوض وإن كنت في الحديث فصيحا إن كثرة الكلام هي علامة واضحة على قسوة القلب لكن كثرة الكلام كذلك من أسهل الطرق الموصلة إليه، لذا قال بشر بن الحارث: " خصلتان تقسيان القلب: كثرة الكلام وكثرة الأكل "، وأخطر من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:
فائدة
قال ذو النون وقد سئل: ما أساس قسوة القلب للمريد؟! فقال: " ببحثه عن علوم رضي نفسه بتعليمها دون استعمالها والوصول إلى حقائقها ". والسبب في هذه العقوبة أنه رغَّب الناس في بضاعة زهد هو فيها، وأرشد الناس إلى دواء لم يستعمله، وحمل بين يديه الهناء فاختار الشقاء ؛ ومن العجائب أعمش كحَّال، ولذا كانت عقوبته إماتة قلبه وحرمانه من الحياة.
فائدة
كثرة الضحك: وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم لنا حيث قال ناصحا أبا هريرة: « ولا تكثر الضحك ؛ فإن كثرة الضحك تميت القلب ». قال المناوي: " أي تصيره مغمورا في الظلمات بمنزلة الميت الذي لا ينفع نفسه بنافعة، ولا يدفع عنها شيئا من مكروه، وحياته وإشراقه مادة كل خير، وموته وظلمته مادة كل شر، وبحياته تكون قوته وسمعه وبصره وتصور المعلومات وحقائقها على ما هي عليه ".
فائدة
أكل الحرام: السم الذي يصل إلى القلب عن طريق أكلة محرمة يتسبب على الفور في موت القلب ويبوسه ؛ إن لم يتدارك الإنسان نفسه بترياق التوبة ودموع الندم، وقد قرَّر علماء القلوب مرارا أنه لا ينشأ من أكل الحرام إلا فعل الحرام، ولا من أكل الحلال إلا فعل الطاعات، فلو أراد آكل الحلال أن يعصي لما قدر، ولو أراد آكل الحرام أن يطيع لما قدر. فأكل الحلال هو الذي تلين به القلوب وتسمو على إثره الروح، وهو دواء غير معتاد وزاد يغفل عنه الكثيرون، ويحسبون الأمر بكثرة الصيام وطول القيام فحسب