القلب القاسى
القلب القاسى
القلب القاسي.. لا القرآن يُزكِّيه ولا النظر في آيات الله يحييه، والسبب موت حواسه وتعطل عملها. قال ابن الجوزي: " رأيتُ هذه الآية: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ ﴾ [الأنعام: 46] فلاحت لي فيها إشارة كدت أطيش منها، وذلك أنه إن كان عنى بالآية نفس السمع والبصر، فإن السمع آلة لإدراك المسموعات والبصر آلة لإدراك المبصرات، فهما يعرضان ذلك على القلب فيتدبر ويعتبر، فإذا عرضت المخلوقات على السمع والبصر أوصلا إلى القلب أخبارها من أنها تدل على الخالق، وتحمل على طاعة الصانع، وتحذِّر من بطشه عند مخالفته. وإن عنى معنى السمع والبصر ؛ فذلك يكون بذهولها عن حقائق ما أدركا شُغِلا بالهوى، فيُعاقب الإنسان بسلب معاني تلك الآلات، فيرى وكأنه ما رأى، ويسمع كأنه ما سمع، والقلب ذاهل عما يتأذى به لا يدري ما يُراد به، لا يؤثر عنده أنه يبلى، ولا تنفعه موعظة تُجلى، ولا يدري أين هو، ولا ما المراد منه، ولا إلى أين يُحمل، وإنما يلاحظ بالطبع مصالح عاجلته، ولا يتفكر في خسران آجلته، فلا يعتبر برفيقه، ولا يتعظ بصديقه، ولا يتزود لطريقه، فنعوذ بالله من سلب فوائد الآلات فإنها أقبح الحالات