عنف المكانة…
أحب أن أفتتح بعض الموضوعات بالكلام عن أحداث طفولتي المبكرة ليس لكونها ذات اختصاص عن قصص الناس لكن لأن النفس في بداياتها الأولى أقرب إلى الفطرة والبداهة النفسية وأسبق من خدوش التشوه وصدمات التغيير
ولأنني أكثر التصاقا بنفسي من كل النفوس فأطيق الحديث عنها من الداخل دون حاجة لعلم النفس.
جعلني معلم التربية الفنية ذات حصة عريفا وهو باق معنا جالسا في الصف لكنه كان مشغولا أو مهموما لست أذكر سبب فعله الآن.
وبينما أطوف في الصف والأطفال قابعون في كراسيهم لا ينبسون بشفة ولم أجد أحدا يمكن أن أقيمه للعقاب
فنظرت إلى أحدهم وهو صامت كالصخر فقلت هذا مشاغب.
ولبؤس الفرية فالذي اخترته كان في مقدمة الفصل والمعلم يراه
فدهش المعلم لبغي الطفولة هذا
ونهرني بأنه طالب مؤدب ولم يفعل شيئا.
وأرسل إلي بعض أساتذتي في الجامعة بحثا يريد تحكيمه لأحد طلاب الدكتوراه وقبل سنوات كنت في مكان هذا الطالب أشعر بالامتعاض من ملاحظات الأساتذة وأضيق ذرعا من تكلف الملاحظات ووجهات النظر التي تعطل إنجاز دراستي
لكنني هذه المرة وجدت في قراءتي تنمرا خفيا على بحث هذا المسكين ورغبة جارفة بإظهار عورات بحثه.
بين الطفولة والكهولة أحداث كثيرة تناوبت الجلوس فيها بين الطالب والمطلوب
شاركت مرات في مقاعد المقابلة الشخصية ممتحنا بالكسر وممتحنا بالفتح
لكنني كنت منكسرا في الثانية دون الأولى.
وفي مداولة الأيام عظات وعبر
فبعد عقود نسيت معها رهبة المقابلات وآلام المختبرين
ولظروف وظيفية تستلزم إجراء مقابلة شخصية
حتمية
وجدت نفسي من جديد أمام لجنة تقابلني
ربما اختبرت بعض أعضائها يوما
في المكانة عنف يثور في النفس
ويخرج أسوأ ما فيها
يحتاج للكبح والترويض
وأعظم مروضاته قول الله تبارك وتعالى
(كَذَ ٰلِكَ كُنتُم مِّن قَبۡلُ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَیۡكُمۡ فَتَبَیَّنُوۤا۟ۚ)
وقوله تعالى
وَتِلۡكَ ٱلۡأَیَّامُ نُدَاوِلُهَا بَیۡنَ ٱلنَّاسِ
مختارات