الموعظة الثالثة عشرة
الموعظة الثالثة عشرة
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: «خلقت النار لإذابة القلوب القاسية، وأبعد القلوب من الله القلب القاسي، وما ضر عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله، وإذا قسا القلب قحطت العين (أي قل بكاؤها)، وقسوة القلب من أربعة أشياء إذا جاوزت قدر الحاجة: الأكل، والنوم، والكلام، والمخالطة.
وكما أن البدن إذا مرض لم ينفع فيه الطعام والشراب، فكذلك القلب إذا مرض بالشهوات لم تنجع فيه المواعظ.
ومن أراد صفاء قلبه، فليؤثر الله على شهوته، والقلوب المتعلقة بالشهوات محجوبة عن الله بقدر تعلقها بها»(كتاب الفوائد – لابن القيم -).
وقال أبو الدرداء رضى الله عنه: أضحكني ثلاث وأبكاني ثلاث: أضحكني مؤمل الدنيا والموت يطلبه، وغافل ليس بالمغفول عنه، وضاحك ملء فيه ولا يدري أراضٍ الله عنه أم ساخط عليه، وأبكاني فراق الأحبة محمد عليه الصلاة والسلام وحزبه، وهول المطلع، والوقوف بين يدي الله يوم تبدو السرائر، ثم لا أدري إلى أين أصير: إلى الجنة أم إلى النار(كتاب عيون الأخبار – لابن قتيبة -).
قيل لابن المبارك رحمه الله: إذا أنت صليت لماذا لا تجلس معنا؟ !! فقال: «إني أذهب فأجلس مع الصحابة والتابعين، أنظر وأقرأ في كتبهم وآثارهم، فما أصنع معكم وأنتم تغتابون الناس؟!»(كتاب سير أعلام النبلاء – للذهبي).
قال ابن الجوزي: «وقد كان جماعة من السلف يبادرون اللحظات !».
فنقل عن عامر بن عبد قيس رحمه الله أن رجلاً قال له: كلمني فقال له: أمسك الشمس !! وقال ابن ثابت البناني رحمه الله: ذهبت ألقن أبي (أي وهو في الاحتضار)، فقال لي: يا بني دعني، فإني في وردي السادس.
ودخلوا على أحد السلف عند موته، وهو يصلي، فقيل له: أفي هذا الوقت؟! فقال: الآن تطوى صحيفتي (كتاب صيد الخاطر – لابن الجوزي -) !!.
قال حاتم الأصم رحمه الله تعالى: «من خلا قلبه من ذكر أخطار أربعة، فهو مغتر، فلا يأمن من الشقاء:
الأول: خطر يوم الميثاق: حين قال الله تعالى: هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وهؤلاء في النار ولا أبالي !!، ولا يعلم في أي الفريقين كان !!. والثاني: حين خلق في ظلمات ثلاث: فنودي الملك بالشقاء والسعادة، ولا يدري أمن الأشقياء هو أم من السعداء؟! والثالث: ذكر هول المطلع: ولا يدري أيبشر برضا الله تعالى أو بسخطه؟ !! والرابع: يوم يصدر الناس أشتاتًا: ولا يدري أي الفريقين يسلك به؟ !! فمحقوق لصاحب هذه الأخطار الأربعة ألا يفارق الحزنُ قلبه»(كتاب التبصرة – لابن الجوزي -).
مختارات