سؤال وجوابه
مش عايز ترد عليا ليه يا شيخ والله تعبانة جدا: مليت من الدعاء جدااا، مرت فترة طووووويلة والوضع مش بيتحسن، وبقول جوايا لو فيه ناس حالهم اصعب مني وربنا لسه مفرجهاش ليهم هيفرجها ليا انا! نفسيتي اتدمرررت جدا ومعدش فيه اي استعداد لذكر او اي عبادة يادوب الفرائض وبس، هموت من الغم اعمل ايه؟
ج / والله هممت بالإجابة لكن فيها طولا شديدا يثقل على يدي هذه الأيام والحمد لله..
لكن سأقول اختصارًا:
لابد أن لا ننسى مسكنتنا وأننا فقراء لله تعالى لا نستغني عنه تبارك اسمه طرفة عين، وأن مجرد الدعاء بما فيه من إقبال على الله تبارك اسمه وقرب منه وشعور بالافتقار والذلة=نعيم عاجل..
حتى إن العارفين بالله يقولون: ربما ثقل الهم على الإنسان، ففُتِح له من فنون التضرع والدعاء ما يجد لذته في قلبه، حتى إنه ليريد أحيانًا أن لا يذهب عنه الهم الذي حمله إلى ربه لعظم ما يجده من حلاوة الدعاء والمناجاة!
إن شرف القرب ولذة المعية وحلاوة الذل بين يدي الله، والاطمئنان به، والفرار إليه، والاعتصام برحمته، والدخول في جواره=لذة لا تعدلها أي لذة في الدنيا!
لكن بعضنا يتضجر ويتأفف لأنه نسي شرف المقام الذي هو فيه، وكرامة الله إياه أن يأذن له بالاقتراب منه، والخضوع له، وإجراء الدعاء على اللسان..
وربنا يريد منا قلبا منكسرًا، ونفسًا مفتقرة، وليس مجرد لسان يتحرك بحروف وكلماتٍ من ورائها نفسٌ ضجرة، كأنها تشترط على ربها بلسان حالها: إن لم أجد ما أريد، انقطعت!
وهذا هو عين الشؤم الذي يحجب العبد عن كرم الله تعالى..
أما من توسل به إليه، رضي به ربا، وأرضاه ربه، وأعطاه وتفضل عليه بما هو فوق سؤاله..
لكنَّ المتأفف المتضجر لا يعرف هذا ولا يشم رائحته؛ لأن بوابة العطاء: معاينة الفقر والمسكنة، وليس الدخول من باب "الاستحقاق":
ما للعبادِ عليه حقٌّ واجبٌ|| كلا..ولا سعيٌ لديه ضائعُ
إن عُذِّبوا فبعدله، أو نُعِّموا || فبفضله وهو الكريم الواسعُ!
سبحانه وبحمده..فسليه سؤال المفتقر الذليل، الذي أسلم نفسه بالذل لربه..ولن يخيب الله من دخل عليه منكسرا، وهو يبصر القلوب والضمائر، ويعلم خبء كل نفس وأطواءها..لا إله إلا هو الرحمن الرحيم.
مختارات