الثناء نافذة العطاء!
وفي الكرب يقف المرء فارغًا من مطالعة الأسباب، نافذًا بفقره إلى مشاهدة منة ربه، راجيا في رحمته، مادًّا يد الذل مخدوش القلب، داعيًا بالنَّفَسِ المخضوبِ بالفقر، والحرفِ المنكسرِ بالفقر، والدمعة المغموسةِ في الفقر، والوجع الكظيم، أعجميًّا إلا من الثناء على ربه، يتكلم بصمته المسكين، قائلًا: "الله الله ربي، لا أشرك به شيئا"، قد فني عن مشاهدة عمل صالحٍ وُفِّق إليه فلا يشهد إلا وحدانية ربه، وإلهيته، وتنزهه عن الشريك والنظير
كأنما يقول: إنما أنا بك لا بعملي، أنت الرب، وأنا العبد، منك النعمة ومني الاعتراف بالذنب، وأنت أكرمتني بالتعرض لنفحات عطائك، فاكشف الكرب عن عبدٍ وفقته للثناء عليك، وإفرادك بالـألوهية!
فيتهاوى غمام الهم، وتشرق شمس الفرحة وضيئةً مترفةً بالنور في قلب عبدٍ لاذ مثنيا على ربه في ظلمات كربه!
ولهذا كانت سجدة الثناءِ الكبرى لسيد الشفعاء صلى الله عليه وسلم يوم الحشر= نافذةَ الفرج وكاشفةَ الكرب، فكل مَن كان مُثنيا على ربه= كان ناجيا في الدنيا والآخرة!
فمن جرحه الكرب فعرى قلبه، فجلس ينسج معطف الثناء=كُسِي كسوةَ الحنان والعطاء والجود!
مختارات