الأصل الثامن عشر : إياك أن تمكر به فيمكر بك
الأصل الثامن عشر: إياك أن تمكر به فيمكر بك
تدبر معى هذه الايات: قال - تعالى -: " والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد " (فاطر: 10)، وقال – تعالى -: " ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين " (الأنفال: 30). وقال - تعالى -: " وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال " (إبراهيم: 46)، وقال – تعالى -: " ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون * فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمّرناهم وقومهم أجمعين * فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن فى ذلك لآية لقوم يعلمون " (النمل: 50 – 52)، وقال – تعالى -: " قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون " (النحل: 26)، وقال عز وجل: " وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر فى آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون " (يونس: 21)، وقال عز وجل: " وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون " (الأنعام: 123)، وقال عز وجل: " ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون " (النمل: 50)، وقال عز وجل: " أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون * أو يأخذهم فى تقلبهم فما هم بمعجزين * أو يأخذهم على تخوف فإن ربكم لرؤوف رحيم " (النحل: 45 – 47).
وقال – جل وعلا - " سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون " (الأنعام: 124)
وقال – جل وعلا -: " استكبارا فى الأرض ومكر السيىء ولا يحيق المكر السيىء إلا بأهله " (فاطر: 43)، وقال – جل وعلا - " ومكر أولئك هو يبور " (فاطر: 10)وقال – جلا وعلا: " وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعا يعلم ما تكسب كل نفس " (الرعد: 42)، وقال – جل وعلا -: " أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون " (الأعراف: 99). إن التأمل فى هذه الآيات ومعاودة قراءتها بتأن وتدبر يغرس فى القلب الخوف من المكر، فها هى عاقبة المكر تراها واضحة أمامك فى الآيات.. وكأن الآيات تقول لك: إياك أن تمكر.. إياك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المكر والخديعة والخيانة فى النار " [صححه الألبانى].. فإياك أن تمكر فيمكر بك.
كثير من الناس يعيش فى هذه الدنيا يعامل الله بالمكر.. غباء.. يتعامل مع زوجته بالمكر، مع أبيه بالمكر، مع مديره وزميله فى العمل بالمكر، مع جاره ومن حوله بالمكر، فيظن أنه يستطيع أن يمكر بالله !
كلمة خطيرة لابن الجوزى يقول فيها " تصر على المعاصى وتصانع ببعض الطاعات والله إن هذا لمكر " اهـ.
فتراه قد واعد البنت الفلانية ليقابلها غدا، ويجلس فى المسجد أمام الخطيب وهو يفكر فى الموعد.. إصرار على المعصية.. أتمكر بربك؟!.. يأكل الحرام وواعد على رشوة، ومع ذلك يصلى ويتصدق وحاجز فى العمرة.. تمكر بمن؟!. وستجد من يجلس فى المسجد يستغفر وهو يحمل علبة السجائر.. مصر على المعصية، ويقول: اللهم تب علىّ !.. بمن تمكر؟!!.. وأعجب من هؤلاء جميعا من إذا سمع بهذا الكلام قال معاندا: إذا والله لن أتوب ولن أصلى.. لا.. أنا لا أقول ذلك الكلام لتقول هذا، ولكن أقوله لكى لا تمكر بربك.. فهو الذى خلقك ويعلمك.
فالذى قد واعد البنت الفلانية وجاء ليصلى يمكر.. نعم: هذا مكر.. وتعجب من قوله حين يسمع بهذا الكلام: أنا آسف، ولن أصلى بعد ذلك.. وهذا هو الغلط.. هذا هو العور فى البصيرة.. فبدلا من أن تقول: تبت إلى الله، تقول هذا الكلام؟!.. سلم يا رب سلم.. تصر على المعاصى وتصانع ببعض الطاعات إن هذا لمكر.. فالمفترض والمتوقع حينما أقول لك هذا الكلام أن تقول: لا للمعصية، لا أن تقول: لا للطاعة !!.
وفرق كبير بين الذى يعصى ثم يستغفر ويتوب ويندم ويعزم على ألا يعود، وبين من يمكر السيئات.. وفرق كبير من يعمل السوء بجهالة ثم يتوب من قريب، وبين الذى يدبر ويمكر ويصر ويستمر.
هذا هو الملحظ الخطير عند تأمل الآيات السابقة:
أنك تجد التفريق بين من يتورط فى المعصية عند غلبة الشهوة مع الجهلة وشدة الغفلة، وبين من يمكر للموضوع فيحتال ويدبر ويحتاط ويلف ويدور، ويبحث عن الشبهات ويتعامى عن الضوابط، لذا كانت عقوبة الماكر أشد بكثير من عقوبة العاصى.
لذا إذا قلت لك: تصانع بالطاعات وأنت مصر على المعاصى، فلا تقل: إذا لن أصلى حتى أنتهى عن المعاصى !!.. لأن هذا مكر !.. ولم لا تنتهى عن المعاصى وتستمر فى الصلاة؟!!.. اللهم تب على كل عاص مسلم يا رب..
وتأمل معى قصة أصحاب السبت لمّا مكروا على الله، واستخفوا بزواجره، مسخوا قردة..
قال الله – تعالى –: " واسألهم عن القرية التى كانت حاضرة البحر إذ يعدون فى السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون " (الأعراف: 163). أى: واسأل يا محمد يهود المدينة عن أخبار أسلافهم وعن أمر القرية التى كانت بقرب البحر وعلى شاطئه ماذا حل بهم لما عصوا أمر الله واصطادوا يوم السبت؟، ألم يمسخهم قردة وخنازير؟! والاعتداء فى السبت مجرد معصية أهون ن كثير من معاصيهم، كقتل الأنبياء وطلب رؤية الله جهرة وطلب أصنام وعبادة عجل..الاعتداء فى السبت أخف من كل هذا بلا شك.. وفى كل هذا لم يمسخوا، وإنما مسخوا باعتدائهم فى السبت.. وهذا يدلك على أن العقوبة لم تكن على مجرد المعصية، وإنما العقوبة على المكر.
قال الفيروزآبادى: " إن معصيتهم هذه كان فيها استخفاف بالله "، إذ حفروا الحفر يوم الجمعة ونصبوا عليها الشباك فوقعت فيها الاسماك يوم السبت وهم ينظرون، ثم جمعوا السمك يوم الأحد.. فتراهم قد خادعوا ومكروا بنصب الشباك يوم الجمعة وجلسوا كالمستخفين بربهم يوم السبت يضعون أيديهم فى جيوبهم وهم ينظرون إلى السمك يتساقط فى شباكهم التى نصبوها ويقولون: يا رب، انظر كيف نحن مطيعون لك يوم السبت فلم نصنع شيئا مطلقا.. وهيهات هيهات.
تعال معى إلى سرد القصة:
" كان بنو إسرائيل قد طلبوا أن يجعل لهم يوم راحة يتخذونه عيدا للعبادة، ولا يشتغلون فيه بشؤون المعاش، فجعل لهم السبت.. ثم كان الابتلاء ليربيهم الله ويعلمهم كيف تقوى إرادتهم على المغريات والأطماع، وكيف ينهضون بعهودهم حين تصطدم بهذه المغريات والأطماع.. وكان ذلك ضروريا لبنى إسرائيل الذين تخلخلت شخصياتهم وطباعهم بسبب الذل الذى عاشوا فيه طويلا، ولابد من تحرير الإرادة بعد الذل والعبودية، لتعتاد الصمود والثبات. فضلا على أن هذا ضرورى لكل من يحملون دعوة الله، ويؤهلون لأمانة الخلافة فى الأرض.. وقد كان اختبار الإرادة والاستعلاء على الإغراء هو أول اختيار وجه من قبل إلى آدم وحواء.. فلم يصمدا له واستمعا لإغراء الشيطان بشجرة الخلد وملك لا يبلى !، ثم ظل هو الاختبار الذى لابد أن تجتازه كل جماعة قبل أن يأذن الله لها بأمانة الاستخلاف فى الأرض.. إنما يختلف شكل الابتلاء، ولا تتغير فحواه !
ولم يصمد فريق من بنى إسرائيل – فى هذه المرة – للابتلاء الذى كتبه الله عليهم بسبب ما تكرر قبل ذلك من فسوقهم وانحرافهم.. لقد جعلت الحيتان فى يوم السبت تتراءى لهم على الساحل، قريبة المأخذ، سهلة الصيد. فتفوتهم وتفلت من أيديهم بسبب حرمة السبت التى قطعوها على أنفسهم !، فإذا مضى السبت وجاءتهم أيام الحل، لم يجدوا الحيتان قريبة ظاهرة، كما كانوا يجدونها يوم الحرم !.. وهذا ما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يذكرهم به، ويذكرهم ماذا فعلوا وماذا قالوا.
على أية حال، لقد وقع ذلك لأهل القرية التى كانت حاضرة البحر من بنى إسرائيل.. فإذا جماعة منهم تهيج مطامعهم أمام هذا الإغراء، فتتهاوى عزائمهم، وينسون عهدهم مع ربهم وميثاقهم، فيحتالون الحيل – على طريقة اليهود – للصيد فى يوم السب ! وما أكثر الحيل عندما يلتوى القلب، وتقل التقوى، ويصبح التعامل مع مجرد النصوص، ويراد التفلت من ظاهر النصوص.
إن أوامر الشريعة ونواهيها لا يحرسها مجرد وجود النصوص فى الكتب أو على ألسنة الدعاة والوعاظ، بل ولا السيف ولا المدفع، إنما تحرسها القلوب اليقظة التقية التى تستقر تقوى الله فيها وخشيته، فتحرس هى شريعتها وتحميها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الحلال بيّن، وإن الحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع فى الشبهات وقع فى الحرام، كالراعى يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه "، ثم عقب على ذلك بقوله: " ألا وإن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهى القلب. [متفق عليه]
فمهما قلنا: حلال.. حرام.. يجوز.. لا يجوز.. يجب.. يكره.. فلن يجد هذا الكلام صدى إلا عند أصحاب القلوب التقية النقية والنوايا الطيبة.
" من أجل ذلك تفشل الانظمة والاوضاع التى لا تقوم على حراسة القلوب التقية. وتفشل النظريات والمذاهب التى يضعها البشر للبشر ولا سلطان فيها من الله.. ومن أجل ذلك تعجز الاجهزة البشرية التى تقيمها الدول لحراسة القوانين وتنفيذها. وتعجز الملاحقة والمراقبة التى تتابع الامور من سطوحها !
وهكذا راح فريق من سكان القرية التى كانت حاضرة البحر يحتالون على السبت، الذى حرم عليهم الصيد فيه.. وروى أنهم كانوا يقيمون الحواجيز على السمك ويحوطون عليه فى يوم السبت، حتى إذا جاء الاحد سارعوا إليه فجمعوه، وقالوا: إنهم لم يصطادوه فى السبت، فقد كان فى الماء – وراء الحواجيز – غير مصيد ".
وأنى لهذا أن يدخل على الله، والله – سبحانه – يراقب خلجات النفوس وأسرار القلوب.. فمهما قالوا: " غير مصيد " بألسنتهم، فقد اصطادوا بقلوبهم ونياتهم..
فيا من تصيدوا المعاصى والسيئات مكرا وخداعا، الله يراك ويعلم نواياك، فاتق الله واحذر مغبة ذنبك وعاقبة فعلك.. ومهما خدعت الناس ومكرت على الخلق ودخل ذلك عليهم، فلن تخدع الله.. وإذا مكرت، فاعلم أنه " لا يحيق المكر السيىء إلا بأهله فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا " (فاطر: 43).
يا من تملأ قلبك بالهموم وتدنسه بالمعاصى عامدا، ثم تسأل الله سلامة القلب !.. إن هذا لمكر.. مستمر فى شحن قلبك بالهموم ومتعمد.. تحمل هم المال وهم اللبس وهم الصيف وهم الشتاء وهم العيال وهم البنات وهم المرتب وهم الشغل وهم.. وهم.. وتقول: يا رب، طهر قلبى.. وأنت المداوم على تدنيسه !!.. إن هذا لمكر.. اللهم طهر قلوبنا يا رب.
حريص على الدنيا، غافل عن الآخرة، كثير الذنوب، بطىء التوبة، ثم تشكو قسوة القلب !!.. إن هذا لمكر.. إياك أن تمكر.. كن صادقا مع الله.. لا تكن ثعلبا، فالطريق وعرة.. الطريق إلى الله وعرة، ولن تصل إلى بتوفيقه، أفبه تمكر وهو دليلك الوحيد؟!!
ولذا إذا أردت الوصول إلى الله، فتب من المكر، فاجعل همومك هما واحدا هو الله.. الهموم نجسة فطهر قلبك منها.. اللهم طهر قلوبنا يا رب.
أسباب تطهير القلب من الهموم
ولكى أساعدك – ساعدنى الله وإياك -، فمن أسباب تطهير القلب من الهموم سبعة:
أولا: الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم:
لما قال رجل: يا رسول الله، اجعل كل دعائى صلاة عليك؟، قال: " إذا يكفك الله ما أهمك " [حديث حسن].
وفى الرواية الثانية: " يغفر ذنبك وتكف ما أهمك " [حسنه الألبانى].
أحد مشايخنا ذهب إليه رجل سرقة سيارته، فقال له: اذهب واجلس فى المسجد وصل الصلاة الابراهيمية:
" اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ". وسبحان الله العظيم ! ما ارتفعت الشمس بعد صلاة الفجر إلى الضحى إلا وعادت إليه سيارته.. وهذا ليس كلاما صوفيا، ولكنه يقين فى الحديث.. الصوفى صاحب بدعة يؤلف لك حكاية، أما أنا فأكلمك فى السنة.. هذا كلام النبى صلى الله عليه وسلم: صل عليه يكفك الله ما أهمك.. أى شىء تحمل همه فأكثر من الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم يفرج ويقضى ويحل.
ثانيا: قراءة المعوذتين:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ " قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق حين يصبح وحين يمسى كفاه الله كل ما أهمه " [حسنه الألبانى].. ولكن الشرط – يا شباب -: اليقين والاحتساب، وهو أن أقرأها وأنوى بقرائتها أى يكفينى الله همومى.. أقرؤها وأنا أعلم يقينا بأن الله قادر أن يكفينى همومى، وأن النبى صلى الله عليه وسلم صدق.. اقرأها باليقين والاحتساب يكفك الله ما أهمك.
ثالثا: قول: حسبى الله:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال حين يصبح وحين يمسى حسبى الله لا إله ألا هو عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم، سبع مرات، كفاه الله كل ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة " [أخرجه أبو داود]
أثناء قولك: حسبى الله، تدبر معناها.. حسبى الله.. كفيلى.. لا إله إلا هو عليه توكلت، وهو رب العرش.. تخيل القبر حتى يكفيك هم القبر، والصراط حتى يكفيك هم الصراط، وتطاير الصحف حتى يكفيك تطاير الصحف، والميزان حتى يكفيك هم الميزان، والعرض على الله حتى يكفيك هم العرض عليه...
رابعا: ذكر دعاء الهمّ:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال: اللهم إنى عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتى بيدك، ماض فىّ حكمك، عدل فىّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته فى كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به فى علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبى، وشفاء صدرى، وجلاء همى وغمى، إلا أبدله الله مكان الهم فرجا ". قالوا: يا رسول الله: أنتعلمها؟، قال: " ينبغى لكل من سمعها أن يتعلمها " [صححه أحمد شاكر]. إذا فليلزم كل واحد منكم حفظ هذا الحديث.
خامسا: الاستغفار:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من لزم الاستغفار، جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب " [صححه أحمد شاكر].
سادسا: جعل الهموم هما واحدا:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من جعل الهموم هما واحدا هم الآخرة كفاه الله ما أهمه، ومن تشعبت به الهموم لم يبال الله به فى أى أودية الدنيا هلك " [حسنه الألبانى].
إذا فهمك ليل نهار هو: يا ترى هل الله راض عنى أم لا؟.. هل لو مت الآن سأدخل الجنة أم النار؟.. يا ترى سأقع على الصراط أم سأمر بسلام؟.. يا ترى الميزان أى كفتيه ستخف؟.. عند تطاير الصحف سآخذ باليمين أم بالشمال؟.. هذا همك الرئيس والأساس: الآخرة.. أما هموم الدنيا فكثيرة وهينة على الله، ومن تشعبت به عاش شقيا ومات شقيا.
سابعا: الدعاء:
الدعاء سلاحك، فادع الله أن يجمع عليك شملك ويكفيك ما أهمك، اضرع إليه وقل: اللهم فرغ قلبى لك حتى لا يحول بينى وبينك شىء.. اللهم اجعل همومى هما واحدا هو لك، واجعل أشغالى شغلا واحدا هو بك، واجعل أفكارى فكرة واحدة هى فيك.. ارحمنى يا ربى وجمع شتات قلبى.. اكفنى ما أهمنى وغمنى.. قل: اللهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن.. ادع الله وهو – سبحانه وتعالى – قريب يستجيب دعاء المهموم المضطر.
وهكذا يا أخى فى الله يا طالب الوصول يكون الهم.. فطهر قلبك من هموم الدنيا.. وكن صادقا، ولا تمكر بالله حتى لا يمكر بك فتكون من الهالكين الخاسرين.. اجعل همك الذى تعيش له وتعيش به: هو الدار الآخرة.. رضا الله وفقط.. فلا تمكر وإلا فلن تصل إلى الله على الاطلاق.
* * *
مختارات