هل يؤجر على ذكر اللسان مع غفلة القلب
عندما أسبح وأذكر الله، قلبي لا يكون مستحضرا بل أسرح في أشياء أخرى، فهل عندما أسبح وقلبي لاهٍ أؤجر على هذا التسبيح أم لا؟.
الحمد لله
ذِكْرُ اللهِ عز وجل، من أعظم الأعمال، وأفضل القرب، وقد جاء في فضله والأمر به والحث عليه عشرات النصوص، منها قوله صلى الله عليه وسلم: (أَلا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى) رواه الترمذي (3373) وابن ماجه (3790) وصححه الألباني في صحيح الترمذي.
وأكمل الذكر ما تواطأ عليه القلب واللسان، ثم ما كان بالقلب وحده، ثم ما كان باللسان وحده، وفي كلٍّ أجرٌ إن شاء الله تعالى.
قال النووي رحمه الله: " الذكر يكون بالقلب، ويكون باللسان، والأفضلُ منه ما كانَ بالقلب واللسان جميعاً، فإن اقتصرَ على أحدهما فالقلبُ أفضل " انتهى من " الأذكار " (ص 20)
ولكن نبه العارفون بأحوال القلوب على أن الذكر الذي يقتصر على اللسان دون القلب قليل الجدوى، وأن ثمرته ضعيفه، قال ابن القيم رحمه الله: " وهي [أي أنواع الذكر] تكون بالقلب واللسان تارة، وذلك أفضل الذكر، وبالقلب وحده تارة، وهي الدرجة الثانية، وباللسان وحده تارة وهي الدرجة الثالثة. فأفضل الذكر ما تواطأ عليه القلب واللسان، وإنما كان ذكر القلب وحده أفضل من ذكر اللسان وحده ؛ لأن ذكر القلب يُثمر المعرفة، ويهيج المحبة، ويثير الحياء، ويبعث على المخافة، ويدعو إلى المراقبة، ويزع (أي: يمنع) عن التقصير في الطاعات والتهاون في المعاصي والسيئات. وذكر اللسان وحده لا يوجب شيئا منها، فثمرته ضعيفة ". انتهى من " الوابل الصيب من الكلم الطيب " (ص 120)، وانظر: " مدارج السالكين " (2/420).
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من عباده الذاكرين الشاكرين، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
والله أعلم.
مختارات