الصفة التاسعة من صفات المؤمنين فعل الزكاة
من صفات المؤمنين المفلحين الذين وعدهم الله الفردوس: " فعل الزكاة " قال -تعالى-: وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ثم قال: أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ.
أخي المسلم: ما المراد بفعل الزكاة الذي هو من أوصاف المؤمنين المفلحين؟ في المراد بالزكاة في هذه الآية وجهان من التفسير، معروفان عند أهل العلم
أحدهما: أن المراد بها زكاة الأموال، وإن كانت الآية مكية إلا أن أصل الزكاة فرض بمكة قبل الهجرة، وأما الزكاة التي فرضت بالمدينة فهي ذات النصب والمقادير الخاصة، وعلى هذا التفسير فيكون من أوصاف المؤمنين فعل الزكاة، ودفعها من أموالهم للمستحقين، ولا شك أن زكاة الأموال تزكي النفوس، وتطهرها من الشح والبخل، وتسمو بها إلى البذل والإنفاق، واليد العليا خير من اليد السفلى وهي الآخذة.
والثاني: أن المراد بالزكاة: زكاة النفس أيْ: تطهيرها من الشرك والمعاصي بالإيمان بالله، وطاعته وطاعة رسوله، وهذا المعنى جاء في آيات كثيرة، كقوله -تعالى-: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا - إلى قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا أي: طهّر نفسه من الشرك والمعاصي، وكقوله -تعالى-: وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وكقوله -تعالى-: فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا.
ويؤيد هذا التفسير أن الآية مكّية، وأنه لم يُعبّر في الآية بالإيتاء، ولم يقرنها بالصلاة، فدلّ على أن المراد بها زكاة النفس من دنس الشرك والمعاصي، ولا مانع من إرادة المعنيين من الآية فيكون من وصف المؤمنين تزكية النفوس وتزكية الأموال.
قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: " وقد يحتمل أن المراد بالزكاة هنا زكاة النفس من الشرك والدنس - إلى أن قال-: ويحتمل أن يكون كلا الأمرين مرادًا وهو زكاة النفوس، وزكاة الأموال، فإنه من جملة زكاة النفوس، والمؤمن الكامل هو الذي يفعل هذا وهذا " ا.هـ.
وإذا عرفت -أخي المسلم-: أن من صفات المؤمنين الفائزين فعل الزكاة - وسواء كان المراد بها زكاة المال أو زكاة النفس، فإن ذلك يطهر النفس ويزكّيها ويُصفّيها، ويجلوها ويصقلها من أدران المعاصي والشحّ والبخل.
فزَكّ نفسك يا أخي، وزكّ مالك لتُنقّي نفسك مما علق بها من أدران المعاصي والبخل لتفوز بما وعد الله به الذين هم للزكاة فاعلون من الفلاح، ووراثة الفردوس في الآخرة. نسأل الله أن يجعلنا منهم بمنه وكرمه.
مختارات