آفة الحسد 2
والفرق بين البخل والحسد:
أن البخل والحسد مشتركان في أن صاحب هما يريد منع النعمة عن الغير، ثم يتميز البخيل بالبخل بما في يده، والحاسد يتمنى ألا يعطي أحد سواه شيئاً.
والفرق بين الغبطة والحسد:
أن الغبطة تمني المرء أن يكون له مثل الذي لغيره من غير إرادة إذهاب ما لغيره، وهي من صفات المؤمنين، أما الحسد فهو إرادة زوال النعمة عن الغير، وهي من صفات المنافقين والكفار.
وشر الحاسد مؤلم ومؤذ وموجع، ويندفع شر الحاسد عن المحسود بعشرة أسباب:
الأول: التعوذ بالله من شر الحاسد، والتحصن به، واللجوء إليه.
الثاني: تقوى الله عزَّ وجلَّ، فمن اتقى الله تولى حفظه ولم يكله إلى غيره.
الثالث: تجريد التوبة إلى الله من الذنوب التي سلطت عليه أعداءه، فما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رُفع إلا بتوبة.
الرابع: التوكل على الله، فمن توكل على الله فهو حسبه، والتوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم.
الخامس: فراغ القلب من الاشتغال به والفكر فيه، فلا يلتفت إليه ولا يخافه، وبذلك يندفع عنه شره.
السادس: الإقبال على الله بكليته، والإخلاص له، وجعل محبة الله ورضاه والإنابة إليه في محل خواطر نفسه حتى تقهرها وتذيبها بالكلية.
السابع: الصبر على عدوه، وأن لا يقاتله ولا يشكوه، ولا يحدث نفسه بأذاه أصلاً، فما نصر على حاسده وعدوه بمثل الصبر عليه. الثامن: الصدقة والإحسان إليه ما أمكنه، فإن لذلك تأثيراً عجيباً في دفع البلاء، ودفع العين، ودفع شر الحاسد، فما حرس العبد نعمة الله عليه بمثل شكرها.
التاسع: إطفاء نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحسان إليه، فكلما ازداد أذى وشراً وبغياً وحسداً ازددت إليه إحساناً، وله نصيحة، وعليه شفقة، وهذا من أعظم الأسباب وأصعبها على النفس، ولا يوفق له إلا من عظم حظه من الله كما قال سبحانه: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (٣٥)} [فصلت: ٣٤، ٣٥].
العاشر: تجريد التوحيد والترحل عن الفكر بالأسباب إلى المسبب العزيز الحكيم، والعلم بأن هذه الآلات بمنزلة حركات الرياح، وهي بيد محركها وفاطرها وبارئها، ولا تضر ولا تنفع إلا بإذنه كما قال سبحانه: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (١٠٧)} [يونس: ١٠٧].
وهذا السبب جامع لما سبق كله، وعليه مدار كل شيء.
مختارات