سورة البقرة من الآية 78 الي الآية 88
{وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ} أي لا يعلمون الكتاب إلا أن يُحدِّثهم كبراؤُهم بشيء، فيقبلونه ويظنون أنه الحق وهو كذب. ومنه قول عثمان - رضي الله عنه -: " ما تَغَنَّيْتُ ولا تَمَنَّيْت " (٣) أي: ما اخْتَلَقْتُ الباطل.
وتكون الأمانِيُّ (٤) التلاوة. قال الله عز وجل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ [فِي أُمْنِيَّتِهِ} (٥) يريد إذا تلا ألقى الشيطان في تلاوته].
يقول: فهم لا يعلمون الكتاب إلا تلاوة ولا يعملون به، وليسوا كمن يتلوه حَقَّ تلاوته: فيُحِلُّ حلالَه ويُحَرِّم حرامَه، ولا يحرفه عن مواضعه.
٧٩- {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} أي يزيدون في كتب الله ما ليس منها؛ لينالوا بذلك غَرَضًا حقيرًا من الدنيا
٨٠- {وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّامًا مَعْدُودَةً} قالوا: إنما نُعذَّبُ أربعين يومًا قَدْرَ ما عَبَدَ أصحابُنا العجلَ.
{قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا} أي أتخذتم بذلك من الله وعدًا؟
٨٣- {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ} أي أمرناهم بذلك فقبلوه؛ وهو أخذ الميثاق عليهم.
{وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} أي وَصَّيْناهم بالوالدين إحسانًا. مختصر كما قال: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (١) أي: ووصى بالوالدين (٢).
٨٤- {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ} أي لا يَسْفِك بعضُكم دَم بعض.
{وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ} أي لا يخرج بعضُكم بعضا من داره ويغلبه عليها.
{ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ} أي ثم قبِلتم ذلك وأقررتم به.
{وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} على ذلك.
٨٥- {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ} وقد بينت معنى هذه الآية في المشكل (١).
{تَظَاهَرُونَ} تعاونون. والتَّظَاهُر: التعاون. ومنه قوله: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} (٢) أي تعاونا عليه. والله ظَهِير أي: عَوْن.
وأصل التَّظَاهُر من الظَّهْر. فكأنّ التَّظاهر: أن يجعل كُلُّ واحدٍ من الرجلين أو من القوم الآخَرَ له ظَهْرًا يَتَقَوَّى به ويَسْتَنِدُ إليه.
٨٧ - {وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ} أي: أتْبَعْناه بهم وأرْدَفْنَاه إيَّاهم وهو من القفا مأخوذ. ومنه يقال: قَفَوْتُ الرجلَ: إذا سرت في أثره.
* * *
٨٨- {قُلُوبُنَا غُلْفٌ} جمع أغْلَف. أي كأنّها في غِلاف لا تفهم عنك ولا تعقل شيئا مما تقول. وهو مثل قوله: {قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ} (٣) يقال: غَلَّفْتُ السيفَ: إذا جعلته في غلاف، فهو سيف أغْلَف. ومنه قيل لمن لم يُخْتَن: أغْلَف.
ومن قَرَأه (غُلُفٌ) مُثَقَّل. أراد جمع غلاف. أي هي أوعية للعلم (١).
مختارات