هل يمكن أن تندثر الحركات الإسلامية الفلسطينية ؟ (الحركات3/3)
الكاتب: فلسطين - وائل بناتالتصنيف:فلسطين الهويةفي أعقاب هجومي نيويورك وواشنطن أقامت أمريكا الدنيا ولم تقعدها، مستغلة هذا الحدث لشن حرب ضد مجهول، ولأهداف يعلمها الكثيرون وبالتأكيد تعلمها هي أيضا، ولأجل ذلك استقطبت معظم دول العالم خلفها لحرب هذا المجهول تحت مسمى " مكافحة الإرهاب " ·
لقد دخلت " مكافحة الإرهاب " نظام العولمة، ودون تعريف لمفهوم " الإرهاب " أو تحديد ضوابط أو حدود، ووفقا لهذا المفهوم فإن كل من هو عدو لأمريكا والكيان الصهيوني سيدخل ضمن " مكافحة الإرهاب "، ولما كانت الحركة الإسلامية الفلسطينية مجسدة بحركتي المقاومة الإسلامية حماس وحركة الجهاد الإسلامي هي العدو الرئيسي للكيان الصهيوني، والشوكة في حلقه، فإن خطرا ما يحدق بهاتين الحركتين خاصة وبالحركة الإسلامية عامة ·
مستقبل مجهول
ولا شك بأن التطورات السياسية السريعة تلقي بظلالها على القضية الفلسطينية ومستقبل العمل السياسي والعسكري الفلسطيني · ويؤكد د· الزهار بأن هذه التطورات سيكون لها انعكاسات خطيرة على القضية الفلسطينية حيث جاءت حرب الخليج بأوسلو، وهذه بالتأكيد ستكون أشد وطأة على القضية الفلسطينية بحكم أن الحديث عن حلول دائمة، ولكن العالم لا يتوقف على السياسة الأمريكية فقط وهذه المنطقة تبقى حبلى بالقضايا السياسية الدائمة التي تغير من مشروع الغرب في المنطقة، والتغيرات التي جاءت بعد 11 أيلول ستكون بمجملها سلبية حتى لو حاولوا تجميلها بوعود الدولة الفلسطينية، ولكن على مجمل القضية الفلسطينية كأرض فلسطينية كاملة التراب وحق كامل السكان ستكون كارثة، ولكنها ضرورية حتى ينتهي مشروع التعاون مع الغرب كراعٍ لعملية السلام وبين مشروع الإسلام الذي سيفرض إسلاما على أسس العدل وليس على أسس المصلحة والموازين المختلفة ·
ويقول الهندي: هناك مسائل وقضايا استراتيجية أكدتها انتفاضة الأقصى يجب ألا تضيع من بين أيدينا وأهمها أن الشعب الفلسطيني وحده يملك مفاتيح التحولات الاستراتيجية في المنطقة وأنه لا أمن لأحد في منطقتنا ما لم تتحقق تطلعات شعبنا في الحرية والاستقلال في وطننا فلسطين وأن قوة الاحتلال مهما بلغ جبروتها لا تستطيع أن تحسم المعركة طالما أن الشعب الفلسطيني يمتلك إرادة المقاومة والصمود ·
وإن جميع الاتفاقات منذ مدريد وأوسلو وما تلاها كانت تستهدف كسر إرادة شعبنا ولم تحقق له شيئا وإن الانتفاضة والمقاومة هي الطريق الوحيد الذي حقق لشعبنا إنجازات، وأعاد لنا وحدتنا وكرامتنا وتعاطف العالم معنا · لذلك فإن مستقبل العمل الإسلامي الفلسطيني ومهما كانت نتائج هذه التغيرات الدولية يجب أن يتمسك بمشروع الصمود وخيار المقاومة والانتفاضة كخيار أكيد في كسب حقنا في وطننا فلسطين، وعدم الوقوف في وهم تفكيك التحالف الأمريكي الصهيوني ·
ويقول صالح: الفلسطينيون ضحية الإرهاب العنصري الصهيوني منذ أكثر من نصف قرن شردوا من ديارهم في بقاع الأرض واحتلت أرضهم واستوطنوها شذاذ الآفاق المجرمين، ولقد أجمع الفلسطينيون أمرهم وقرروا استخدام جميع الوسائل المتاحة لمقاومة المحتلين بجميع فصائلهم الوطنية والإسلامية، وأتوقع أن يحاول العدو الإرهابي الصهيوني إقناع أمريكا بإدراج الحركات الإسلامية الفلسطينية على قائمة الحركات الإرهابية تمهيداً لضربها على جميع الأصعدة، وبفضل الله فإن الحركات الإسلامية الوطنية في فلسطين تعرف أن عدوها الوحيد هو المحتل الإسرائيلي وأن ساحة العمل هي فلسطين وأننا لا نعادي أي شعب في العالم.
ويرى سيد بركة أحد الشخصيات الإسلامية الفلسطينية المستقلة أن مستقبل الحركة الإسلامية في فلسطين يتوقف على كل من الحركة الإسلامية من جهة وعلى السلطة الفلسطينية من الجهة الأخرى كي تخرج من التصنيف الكلاسيكي الجهنمي الذي تريد أمريكا فرضه علينا، لأن من كان مع أمريكا فهو مع إسرائيل كون المصلحة بينهما واحدة ·
ويرى وزير العمل الفلسطيني د· غسان الخطيب أن العمل الفلسطيني له مستقبل في ظل الظروف الدولية لأن العالم يتجه أكثر فأكثر نحو الالتزام بالشرعية الدولية، والموقف الفلسطيني، والنضال الفلسطيني تم تعديله خلال العقود الماضية حتى يتطابق مع الشرعية الدولية، ولذلك هناك مستقبل للنضال الفلسطيني لأن العالم لن يحتمل احتلالاً، خصوصا أن هناك شعبًا يقاوم هذا الاحتلال، ولذلك عاجلا أم آجلا سوف تتحقق إمكانيات لتطبيق الشرعية الدولية وعلى أساسها ستتحقق أهداف النضال الوطني الفلسطيني ·
آلية تحرك
وتتطلب التغيرات المتسارعة فيما يتعلق بعولمة " مكافحة الإرهاب " آلية عمل دقيقة حتى لا تقع الحركات الإسلامية التحررية ضحية الأطماع الأمريكية والصهيونية· ولذلك يرى د· الزهار أنه يجب على الحركة الإسلامية في حماس بالذات أن تكثف من أنشطتها وبرامجها على كافة الأصعدة التربوية والثقافية والاجتماعية وإمكانية وجود بدائل اقتصادية وأيضا العسكرية والأمنية في مواجهة الاحتلال لأن هذا المشروع هو الذي ينجح في المنطقة ويجد له صدى في قلوب الناس، وهو الذي يجمع من حوله الأمة العربية والإسلامية على المستوى الشعبي وهو الأساس، وعلى المستوى الرسمي ولو على استحياء ·
وقال د· الهندي: حركة الجهاد الإسلامي وكذلك حركة حماس أعلنتا أنهما ضد إعلان وقف إطلاق النار ؛ لأنه من العبث أن نضحي بانتفاضتنا من أجل مراهنة خاسرة، والمراهنة أن نقبض الثمن من أمريكا وإسرائيل وربما من المناسب التذكير بمراهنة سابقة دفعنا ثمنها مضاعفا · وحتى إذا كان هذا هو وقت المساومات فلماذا التضحية مسبقا بأهم الأوراق، خاصة إذا كان سيد الموقف عند العدو الصهيوني هو التصعيد؟!
وإننا في حركة الجهاد الإسلامي نؤكد أن مشروع الصمود والمقاومة سيبقى هو مشروع الحركة الإسلامية الفلسطينية طالما لم نحقق أهدافنا كاملة، وان هذه العاصفة الدولية ستنقشع دون تغير كبير على التحالفات والمواقف السياسية خاصة في قضايا الصراع الجوهرية المتمثلة في القدس واللاجئين والمستوطنات، وبعد انتهاء العاصفة تعود السياسة الأمريكية القديمة لعدم التدخل في صفقات خاسرة، وإسرائيل القائمة أساسا على الإرهاب تعود لتصعيده ويعود الشعب الفلسطيني لانتفاضته ومقاومته ·
ويرى صالح ضرورة المحافظة على وحدة الصف الفلسطيني من خلال العمل الوحدوي مع باقي فصائل المقاومة الفلسطينية لتحقيق الأهداف الوطنية باستمرار انتفاضة الأقصى المباركة، مع ضرورة إعطاء المصلحة الوطنية المجمع عليها الأهمية الأولى · وأنه لا بد من العمل على استقلالية القضاء واحترام القانون ودعم ذلك بكل القوة من خلال القوى والفصائل الفلسطينية، ولا بد وأن نكون جزءا لا يتجزأ من المؤسسات الوطنية، ودراسة الواقع السياسي العربي والدولي بهدف أن نتعامل بشكل دبلوماسي يحافظ على إنجازات الحركة ويحقق أهدافنا الفلسطينية.
ويقول بركة: إذا حافظنا على جوهر مهمتنا وأديناها بطابع أخلاقي حتى لا ننجر إلى مفهوم " إرهابيين " فأنا واثق أن سنن التاريخ ستعجل في نهاية هذه المنظومة التي على رأسها أمريكا وإسرائيل وانتصار المنظومة الإنسانية لأن الصراع في فلسطين بشكل أساسي هو بين رؤية عنصرية ورؤية إنسانية، وبقدر ما نقدم رؤى إنسانية بقدر ما نفضح الرؤية العنصرية من جهة، وبقدر ما نقدم درجات على سلم النصر في فلسطين، وهذا بدوره سينعكس على العالم العربي والإسلامي ·
ويرى الخطيب أن الحركات الإسلامية - وبالتحديد الفلسطينية - تواجهها صعوبات حقيقية ليس لأنها إسلامية، على الإطلاق، ولكن بسبب برنامجها السياسي غير الواقعي وغير المنسجم مع الشرعية الدولية وحتى مع البرنامج السياسي الرسمي الذي يتبناه الشعب الفلسطيني ممثلا بمنظمة التحرير الفلسطينية، ومن غير المتوقع أن ينجح نضال الحركات الإسلامية المستند إلى ضرورة إنهاء وجود إسرائيل والتي - بغض النظر عن رأينا فيها وكيفية نشوئها - أصبحت جزء من الشرعية الدولية والأمم المتحدة، لذلك فإن البرنامج السياسي لهذه الحركات هو مشكلتها الأساسية وهو المسؤول عن كثير من الصعوبات التي تواجهها على المستوى المحلي والعالمي ·
خطط دبلوماسية وإعلامية
وما من شك أن التحركات الدؤوبة للحركات الإسلامية للحفاظ على متانة صفها وسلامة موقفها ودقة هدفها تحتاج إلى الدعم السياسي والإعلامي بهدف مواجهة ما تسعى إليه " إسرائيل " من وصفها " بالإرهابية " ·
ويقول د· الزهار: تكفينا مؤونة الأمة العربية في ذلك، فليس لنا علاقات دبلوماسية، ولكن علاقتنا بالدول العربية طيبة وبالشعوب العربية أطيب، والأمة العربية عندما تقبل أن توصف الحركات التحررية بالإرهاب، وخصوصا الحركات الإسلامية، تقف متناقضة في الواقع مع رأي الشارع العربي والإسلامي، لذلك فالأمة العربية ملزمة بهذا الموضوع ليس من باب الدفاع عن حماس ومشروع الحركة الإسلامية، ولكن من باب الدفاع عن النفس وعدم مواجهة الجمهور الإسلامي العريض في كل هذه البلاد ·
ويرى الهندي أن حركته لا تعاني من عقدة الوصف " بالإرهاب " ويقول: حركة الجهاد نشأت في نهاية السبعينيات لحل المعضلة التي عانت منها فصائل منظمة التحرير الفلسطينية بإبعادها الإسلام عن ساحة الصراع وحل معضلة الحركة الإسلامية التي رفضت الانخراط في ذلك الوقت في الصراع مع العدو الصهيوني ورفعت الحركة شعار أن فلسطين هي القضية المركزية للحركة الإسلامية ·
ومنذ نشأتها وحتى اليوم والحركة تمارس النضال ضد الاحتلال داخل حدود فلسطين وهي لا تعاني من عقدة الوصف " بالإرهاب " لأنها فكرا وممارسة حركةُ مقاومة إسلامية للاحتلال الصهيوني في فلسطين، والجميع عربا ومسلمين وأحرار العالم يفهمون هذا المنطق الذي ينطبق أيضا على جميع حركات المقاومة الفلسطينية ·
ويقول صالح: إننا كحركة إسلامية فلسطينية جزء من القوى نعمل على ما أجمعنا عليه أمرنا وهو التخلص من الاحتلال وإقامة دولتنا الفلسطينية، فنحن في حالة صراع دائم مع المحتل الإرهابي العنصري الصهيوني ولذلك فإن برامجنا السياسية لابد لها من التكيف مع الواقع الجديد بحيث تنسجم سياستنا مع الواقع العربي والإسلامي لتكوين جبهة عربية إسلامية تحافظ على حقوق شعبنا في نضاله ضد العدو الصهيوني وألا نسمح بأن توصف الحركات الإسلامية الفلسطينية واللبنانية بالإرهاب والتركيز على إرهاب الدولة العبرية العنصرية الصهيونية كما حدث في مؤتمر دوربن للمنظمات غير حكومية.
برامج سياسية بديلة
وحول ما إذا كان لدى حركته برامج سياسية بديلة للتكيف مع معطيات المرحلة المقبلة تكتيكيا واستراتيجيا قال د· الزهار: نحن في حالة حرب مع الكيان الإسرائيلي، وحالة الحرب تشهد مدًّا وجذرًا، وعندنا برنامج واضح لا يمكن أن نغيره ولا توجد لدينا برامج جديدة ·
واعتبر د· الهندي أن الدوافع لمثل هذا المنطق هو الرعب من البطش الأمريكي والصهيوني وعدم الإيمان بمحددات الصراع في فلسطين، ومن المهم التأكيد أنه ليس المطلوب التأكد من صلاحية برنامج ما، أن يطرحه جميع الأطراف على الساحة الفلسطينية، فبرنامج المفاوضات وما يسمى بمسيرة السلام طرحته منظمة التحرير الفلسطينية وجربته خلال عشر سنوات لم يحصد خلالها شعب فلسطين سوى الوهن والحصار المر، فهل من المنطق وبسبب ظروف دولية طارئة أن تتخلى الحركة الإسلامية الفلسطينية عن برنامج الصمود الذي نال إجماعا فلسطينيا وعربيا حتى من أهل أوسلو وترتد للدخول في نفق برنامج المفاوضات وإنهاء الانتفاضة والمقاومة الذي هو مطلب إسرائيليي تاريخي · أما إذا كان المقصود تكتيكات هنا وهناك تراعي بعض الجوانب وفي إطار الاستراتيجية العامة لمشروع الصمود والمقاومة فهذه قضايا جائزة لا تحتاج إلى جدل ·
ضغوط دولية خطرة
ومن المحتمل أن تتعرض السلطة الفلسطينية لضغوط دولية تضطرها لمسايرة مجريات التغيرات الدولية لمحاربة حماس والجهاد لتحقيق أهداف سياسية ·
وفي هذا الإطار أكد الزهار أن من يستجيب لأمريكا ويحاول أن يذبح شخصًا واحدًا من شعبه سوف يفقد وجوده في هذه المنطقة · أعطني مثلا واحدا لحكومة واحدة قتلت شعبها واستمرت في السلطة، ولكن إذا افترضنا أن هناك أوامر أمريكية للسلطة بذبح حماس، فسيقف الشارع في وجهها قبل أن تقدم على ذلك، ومع ذلك فإن عقلاء فتح بالذات والفصائل الفلسطينية لا يمكن أن يسمحوا بهذا التدهور الذي يفقدها أي دعم شعبي فلسطيني أو عربي ·
ويقول د· الهندي: الجهاد الإسلامي وحماس لا تمثل تنظيمات منعزلة عن جمهور الشعب ولا برامج غريبة عن الفلسطينيين بل هي تمثل مع القوى المقاتلة الأخرى طليعة القوى الشعبية المدافعة عن خيار الشعب الفلسطيني والاجماع الفلسطيني وهي قوى تلتحم بالشعب وتعبر عن خياراته وتقرأ اتجاهاته ·
والقضية الأخرى أن الوضع الفلسطيني الداخلي والذي تمثل لأول مرة في وحدة جميع قوى وفصائل شعبنا في خندق المقاومة والانتفاضة من الصعب على الجميع التضحية بهذه الوحدة من أجل أوهام، فمقابل ماذا تضرب السلطة هذا الإجماع الفلسطيني؟
ضرب مصالح
وسارعت الولايات المتحدة الأمريكية لتجديد إعلان ضم حركتي حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله إلى قائمة المنظمات الإرهابية التي تصدرها وزارة الخارجية الأمريكية سنويا من باب تطمين الحكومة الصهيونية وعلى رأسها شارون، ربما تمهيدا لضرب مصالح تتعلق بها وتضييق الخناق عليها في الحرب القائمة الآن ·
وتساءل الزهار: أين ستضرب مصالح هاتين الحركتين؟ حماس موجودة على الساحة الفلسطينية وفي كل بيت في العالم العربي والإسلامي، فأي أخ مسلم في كل مكان هو أخ لحماس، وكل قرش في جيب أي مسلم - أنا لا أتحدث عن حكومات - لنا فيه نصيب من أموال الزكاة، لأن الإسلام عندما شرع الزكاة، شرعها وهو يعلم أن هناك قوى شر ستفعل ما تفعله الآن، وأن هناك وسائل جديدة سوف تبتكرها قوى الشر في العالم لمقاومة أن تصرف أموال الزكاة من أجل تحرير الأرض الفلسطينية والدفاع عن مقدساتها ·
فبرنامجنا الاقتصادي موجود على ساحة الكون كله، وبرنامجنا السياسي حقله فلسطين وهدفه تحرير فلسطين، فليس عندنا سفارات تضرب أو مؤسسات اقتصادية تهدم، ولا نملك إلا تلك القوى البشرية المذهلة التي علمت العالم الدفاع عن الوطن وكيف يمكن أن يحقق هذا الإنسان البسيط بإمكانياته الأبسط إنجازات على آلة عسكرية وخبرات لا يمكن مقارنتها مقارنة مادية ·
مشروعنا قوي ولا يمكن أن يهزم لأن الحق تبارك وتعالى قال وقوله الحق: " كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله لقوي عزيز " ·
ويقول د· الهندي: حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي حركات مدرجة على قائمة المنظمات " الإرهابية " التي تصدرها الخارجية الأمريكية سنويا وهذا يظهر مدى الانحياز الأمريكي الأعمى للكيان الصهيوني، وهذا يؤكد أن واشنطن لا تنوي إعادة النظر في سياستها في الشرق الأوسط وأنها تؤكد انحيازها ودعمها الكامل لإسرائيل وأمن إسرائيل وإعطاء ظهرها لكل المصالح والمطالب العربية، وأن تصريحات بوش حول الدولة الفلسطينية هي تصريحات فارغة وشكلية تهدف إلى تسهيل انضمام دول عربية وإسلامية للتحالف ولا تعكس أي تغيير في سياسة أمريكا، كما لا يوجد للجهاد في أمريكا ما يتم ضربه لأن الحركة أساسا في فلسطين ولا تملك أرصدة في البنوك وأموالها القليلة تصرف مباشرة على متطلبات الجهاد والمقاومة ·
ويرى صالح أن تصنيف حماس والجهاد ضمن ما يسمى بقائمة " الإرهاب " لا أهمية له ما لم يأخذ غطاءاً فلسطينياً وعربياً وإسلامياً أفضل حالاً مما كنا فيه من السابق، وأن الانتفاضة المباركة أظهرت الوجه البشع للكيان الصهيوني العنصري الإرهابي، وأصبح العالمان العربي والإسلامي يدعمون نضال وجهاد شعبنا الفلسطيني.
الخاتمة
من الواضح أن الحركات الإسلامية في فلسطين تؤمن بأن الجهاد سيتواصل رغم كل المعوقات، حتى تحقيق الأهداف التي انطلقت من أجلها، متسلحة بذلك بإيمانها بحتمية النصروالتمكين، وحفظ الله لرسالة الإسلام الخالدة ·
لكن ومع ذلك، فإن الحركات الإسلامية عليها ألا تدفن رأسها في التراب، بل يجب أن تتكيف مع كل المتغيرات الدولية والإقليمية، وأن تستفيد من تجارب الحركات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي، ومن تجربتها على وجه الخصوص في الأراضي الفلسطينية، بعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1994 ·
إن تمتع الحركات الإسلامية بالمرونة الكافية يمكن أن يجعلها أقدر على مواصلة طريقها، وإن كانت ستتعثر في بعض المنعطفات الخطيرة التي من الممكن أن تقصمها إن لم تتكيف بسهولة مع صعوبة الطريق ·
وعلى التنظيمات الإسلامية إعادة النظر في طبيعة عملها وضرورة تأقلمها مع معطيات الحرب المعلنة حتى لا تعرض مصالح شعبها للخطر · لذا فقد يكون من الواجب تكثيف العمل ضد الاحتلال الصهيوني في مرحلة ما، وقد يتطلب التهدئة في أوقات أخرى، وقد يلزمها الأمر التوقف التام عن استهداف الإسرائيليين داخل فلسطين 1948م إن وجدت أن ذلك يخدم مصلحتها ومصلحة الشعب الفلسطيني ·
لا يجوز لأي من الحركات الإسلامية أن تأخذ زمام المبادرة بيدها بعيدا عن المرونة السياسية والتفهم لطبيعة التغيرات الحاصلة في المنطقة، وتغير موازين القوى، بل يجب أن تدرك أن الجميع في مركب واحد، ويقع على عاتقها كما على عاتق غيرها قيادة السفينة بحكمة دونما اختلاف تحت مبدأ (نعمل فيما اتفقنا عليه، وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه)، وذلك من أجل تغليب المصلحة العامة على مصلحة هذا الفصيل.
مختارات