" من الوسائل المعينة على الدعوة "
" من الوسائل المعينة على الدعوة "
أولاًَ: منها ما كان بالمال، وتأمل حال رجل كأبي بكر -رضي الله عنه- يأتي بماله كله للنبي صلى الله عليه وسلم فيقول صلى الله عليه وسلم: «ماذا أبقيت لأهلك»؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله.
قال العلماء هذا من عظم التوكل على الله.
ثم تأمل في حال عمر –رضي الله عنه- يأتي بنصف ماله، وعثمان –رضي الله عنه- قصته معروفة في تجهيز جيش العسرة، وعبد الرحمن بن عوف في إنفاقه –رضي الله عنهم وأرضاهم-.
فما ظنك لو جعل كل فرد منا مبلغًا سنويًا أو شهريًا للدعوة، بل دعنا نسأل أنفسنا، العام المنصرم كما أنفقنا لنصرة الدين والدفاع عنه ورفع رايته؟ كم نصيب الدعوة إلى الله من أموالنا وقد فتح لنا الرزق من أوسع أبوابه؟
وكل الآيات التي ذكر الله –عز وجل- فيها الجهاد قدم فيها المال على النفس عدا آية واحدة، هي قوله تعالى: " إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ " [التوبة: 111].
أذكر قصة واحدة في النفقة لأن فيها عبرة وعظة وفيها أسرة كاملة زوج وزوجة وأبناء !
صورة عجيبة تحكي واقع الإيمان والتصديق بوعد الله –عز وجل- عن عبد الله بن مسعود قال: لما نزل قول الله تعالى: " مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً " [البقرة: 245]قال أبو الدحداح الأنصاري: يا رسول الله، وإن الله – عز وجل - ليريد منا القرض؟ قال: «نعم يا أبا الدحداح» قال قد أقرضت ربي –عز وجل- حائطي، قال: وحائط له فيه ستمائة نخلة، وأم الداحداح فيه وعيالها، قال فجاء أبو الدحداح يا أم الدحداح قالت: لبيك، قال: اخرجي، فقد أقرضته ربي –عز وجل- فحملت ما لها من متاع وكان بيد أبنائها تمرة فألقتها من يده وخرجت مع صغارها !
تفكرت في حال أم الداحداح وقبولها بالأمر والفرح به وخروجها من بستان به خير عيش وحياة سعيدة في وسط ستمائة نخلة، خرجت غير باكية، ولا متسخطة على زوجها وفعله، بل تجاوزت الأمر وأسقطت ما في يد ابنها من تمرات كانت معه ! لقد ربح البيع يا أم الداحداح.
وبعض الأسر اليوم تقوم فيها الدنيا ولا تقعد إذا أنفق الرجل والمرأة وتنشأ المشاكل الأسرية شحًا وبخل اً!!
أذكر أن أحد الدعاة ممن يعملون في دعوة الجاليات ذكرأنه ذهب إلى أحد الفنادق في انتظار موعد هناك، قال: فدخلت بهو الفندق ولمحت عيني رجلاً من الجنيسية الفلبينية فسارعت وجلست بجواره، وقلت في نفسي لعل الله أن يهديه على يدي، ولما تجاذبنا أطراف الحديث ذكر لي أنه مسلم، فقلت: الحمد لله، ثم ذكر لي أنه يبني مسجدًا في قريته وأن البناء توقف عند سقف المسجد؛ فكأنني فهمت من حديثه أنه يريد تبرعًا مني لإتمام هذا المسجد فأدخلت يدي في جيبي وأخرجت ورقة من الـ (500) ريال ولما نظرت إليها أجلب علي الشيطان وقال: تدفع هذا المبلغ بهذه العجلة، لابد أن تتأكد، لا تكن عاطفي وهممت أن أعيد المبلغ إلى مكانه ولكن أبصرت الرجل ينظر إليها فاستحييت وناولتها إياه.
فسألني: ما هذا؟ قلت: مبلغًا يسيرًا للمساعدة في إتمام بناء المسجد ! فشكرني وقال: المسجد أبنيه بأموالي لا أريد أحدًا يشاركني فيه !!! والعجب أنه على قلة مرتباتهم فهم أكثر إنفاقًا ممن لديه الأموال الطائلة والخزائن الكثيرة؟!
تجد من راتبه ستمائة ريال ويبني مسجدًا، وهنا تجد من راتبه يتجاوز العشرة الآف ولا يفكر في بناء مسجد، فاستغفر الله العظيم من هذا البخل !
مختارات