الحب صانع المعجزات
طلب أحد الأستاذة الجامعين من طلابه الذهاب إلى حي فقير جدا بمدينة (بالتيمور) بالولايات المتحدة وتقييم مستقبل 200 فتى يعيشون في حالة بائسة، فكان تعليق الطلاب على كل حالة درسوها عبارة: «لا أمل» وبعد 25 سنة أحب أستاذ جامعي آخر - رأى الدراسة السابقة - أن يعرف ما حلّ بهؤلاء الفتيان، فأرسل طلابه للبحث عنهم فوجدوا 180 منهم، وتبين لهم أن من هؤلاء الـ180، حقق 176 منهم نسبا من النجاحات كأطباء ومحامين ورجال أعمال. بسؤالهم عن الأسباب التي ساهمت في نجاحهم أشاروا جميعا إلى معلمة فذة كانت تعلمهم في مرحلة من مراحل دراستهم.. بحث الطلاب عن تلك المعلمة فوجدوها على قيد الحياة، وسألوها عن سرّها مع هؤلاء الفتية، فأجابتهم: «الأمر بسيط.. لقد أحببتهم».. نعم إنه الحب صانع المعجزات.
ليس من المهم أن نعمل أكثر، ولكن من المهم أيضاً أن نفعل ذلك بحب ورغبة، لأننا عندما نعمل بجد نؤدي العمل بطريقه جيده.. وعندما نعمل بحب نؤدي نفس العمل بطريقة رائعة، فبالحب نسير بإيجابية بعيداً عن كدر الحياة، فلا تندم على لحظات كفاح عشتها بحب، حتى ولو صارت ذكرى تؤلمك، فإذا كانت الزهرة قد جفت وضاع عبيرها ولم يبق منها غير الأشواك، فلا تنس أنها منحتك يوماً عطراً جميلاً أسعدك.
هناك من لا يدرى ما هو الذي يحبه؟ وما هو الذي يكرهه من الأعمال؟.. يحيا كل يوم بشكل آلي روتيني، رغم أنه قد يكون ما يقوم به من أعمال هو أنسب من يقوم به على الأرض، ولكنه أغمض عينيه على بعض الأفكار والمشكلات فأغرق نفسه فيها متجاهلا ما في أعماله من نعم من الله تعالى ومتعة لا نهاية لها.
فلماذا لا نكتشف أنفسنا من جديد، ونعيد صياغة عقولنا ومهاراتنا ورؤيتنا لحياتنا بشكل أكثر تفتحاً وثقة في أن الله قد كتب لنا ما نحن فيه لنتقنه ونبرع فيه لا أن نهرب من أنفسنا ومن حياتنا.
أما إن كان عملك لا يحقق لك كل أمنياتك التي يحق لك جنيها منه، فلا تنس أنه يتيح لك تحقيق جزء من ذاتك، ويكف وجهك عن سؤال الناس، وهذا كفيل بأن تحرص من كل قلبك على إنجازه، وتنمي استعدادك وقابليتك على تذوق ما تفعله، والتلذذ ببهجة أن تتعلم شيئاً ما مهما تكن خبرتك السابقة.
إن النجاح شعور، والناجح يبدأ رحلته بحب النجاح والتفكير بالنجاح.. فكر وأحب وابدأ رحلتك نحو هدفك.. تذكر أن النجاح يبدأ من الحالة النفسية للفرد، فعليك أن تؤمن بأنك ستنجح ـ بإذن الله ـ من أجل أن يكتب لك فعلا النجاح.. فالناجحون لا ينجحون وهم جالسون لاهون ينتظرون النجاح، ولا يعتقدون أنه فرصة حظ، وإنما يصنعونه بالعمل والجد والتفكير والحب واستغلال الفرص والاعتماد على ما ينجزونه بأيديهم.
الحب الحقيقي
يقول د. عائض القرني: كن من أولياء الله وأحبائه لتسعد، إن من أسعد السعداء ذاك الذي جعل هدفه الأسمى وغايته المنشودة حب الله عز وجل، وما ألطف قوله تعالى {يحبهم ويحبونه}.. قال بعضهم: ليس العجب من قوله {يحبونه} ولكن العجب من قوله {يحبهم} فهو الذي خلقهم ورزقهم وتولاهم وأعطاهم ثم يحبهم، قال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله}[آل عمران:31]
إن رجلا من الصحابة أحب {قل هو الله أحد} فكان يرددها في كل ركعة ويتوله بذكرها ويعيدها على لسانه، ويشجي بها فؤاده، ويحرك بها وجدانه، فقال له – صلى الله عليه وسلم-: (حبك إياها أدخلك الجنة)..
إن مجنون ليلى قتله حب امرأة، وقارون حب المال، وفرعون حب المنصب، وقتل حمزة وجعفر وحنظلة حبهم لله ولرسوله، فيا لبعد ما بين الفريقين.
إنما يتعثر من لم يخلص
يقول ابن الجوزي رحمه الله: واعلم أن الطريق الموصلة إلى الحق سبحانه ليست مما يقطع بالأقدام، وإنما يقطع بالقلوب، والشهوات العاجلة قطاع الطريق، والسبيل كالليل المدلهم، غير أن عين الموفق بصر فرس، لأنه يرى في الظلمة كما يرى في الضوء، والصدق في الطلب منار أين وجد يدل على الجادة، وإنما يتعثر من لم يخلص.
حب الناس
التعامل مع الناس فن من أهم الفنون نظراً لاختلاف طباعهم، فليس من السهل أبداً أن نحوز على احترام وتقدير الآخرين، وفي المقابل من السهل جداً أن نخسر كل الناس، وكما يقال: «الهدم دائماً أسهل من البناء»، فإن استطعنا توفير بناء جيد من حسن التعامل فإن هذا سيسعدنا نحن في المقام الأول، لأننا سنشعر بحب الناس لنا وحرصهم على صحبتنا ودعمنا.
والتوجيهات النبوية في هذا الشأن جواهر ثمينة، حرى بنا أن نقتنيها. قال – صلى الله عليه وسلم-:
(ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس)، (شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس)، (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن)، (أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما)، (أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل).
كلمات في الحب
- الإنسان قبل الحب شيء، وعند الحب كل شيء، وبعد الحب لا شيء.
- الحب فرصة ليصبح الإنسان أفضل وأجمل وأرقى.
- الحب ليس عاطفة ووجداناً فقط، إنما هو طاقة وإنتاج.
- الحب فضيلة الفضائل، به نعلو بأنفسنا عن العبث والتهريج والابتذال العاطفي، ونحمي عقولنا من الضياع والتبعثر الفكري.
- الحب تجربة إنسانية معقدة، وهو أخطر وأهم حدث يمر في حياة الإنسان، لأنه يمس صميم شخصيته وجوهره ووجوده، فيجعله يشعر وكأنه وُلد من جديد.
مختارات