حصاد الحجيج
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين... وبعد..
فعن ابن عمر- رضي الله عنهما - قال كنت جالساً مع النبي - صلى الله عليه وسلَّم - في مسجد منى فأتاه رجلٌ من الأنصار ورجلٌ من ثقيف فسلَّما ثم قالا: يا رسول الله جئنا نسألك... فقال: إن شئتما أخبرتكما بما جئتما تسألان عنه... فقال الثقفي للأنصاري: سل، فقال: أَخبِرني يا رسول الله فقال " جئت تسألني عن مخرجِك من بيتك تؤم البيت الحرام وما لك فيه وعن ركعتيك بعد الطواف وما لك فيهما وعن طوافك بين الصفا والمروة وما لك فيه وعن وقوفك عشية عرفة وما لك فيه وعن رميك الجمار وما لك فيه وعن نحرك وما لك فيه مع الإفاضة، فقال: والذي بعثك بالحق لعن هذا جئت أسألك.
قال: فإنك إذا خرجت من بيتك تؤم البيت الحرام لا تضع ناقتك خفاً ولا ترفعه إلا كتب لك به حسنة ومحي عنك خطيئة، وأما ركعتاك بعد الطواف كعتق رقبة من بني إسماعيل، وأما طوافك بالصفا والمروة كعتق سبعين رقبة وأما وقوفك عشية عرفة فإنَّ الله يهبط إلى سماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة يقول: عبادي جاؤوني شعثاً من كل فجٍ عميق، يرجون جنتي فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل أو كقطر المطر أو كزبد البحر لغفرتها، أفيضوا مغفوراً لكم ولمن شفعتم له، وأما رميك الجمار فلك بكل حصاةٍ رميتها تكفير كبيرة من الموبقات وأما نحرك فمدخورٌ لك عند ربك وأما حلاقك رأسك فلك بكل شعرة حلقتها حسنة وتمحي عنك بها خطيئة وأما طوافك بالبيت بعد ذلك فإنك تطوف ولا ذنب لك يأتي ملك حتى يضع يديه بين كتفيك فيقول اعمل فيما يستقبل فقد غفر الله لك ما مضى ". (رواه البزار كشف الأستار 2/8 وقال البزار: رجاله موثقون، قال الدمياطي في المتجر الرابح 420 إسناده لا بأس به، ورواه ابن حبان في صحيحه الإحسان (3/181)..
ويجب على كل حاج بل على كل مسلم أن يهتم بوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحج حيث خطب الناس وقال: (إنَّ دماءكم وأموالكم حرامٌ عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول رباً أضع ربانا ربا عباس بن عبدالمطلب فإنه موضوع كله، فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله، وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟!.. قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبَّابَّة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: اللَّهم فاشهد اللَّهم فاشهد اللَّهم فاشهد (رواه مسلم في صحيحه 1218).
مختارات