حسن البيان
مرت عيني بتعليقٍ مس خبيئًا في النفس؛ فقد حمل التعليق نعت فلان بالفصاحة، وأن بابه إلى إضلال القلوب كان لسانه المبين.
وبعيدا عن فراع ذلك الموصوف من تلك الصفة، لكنَّ معنى التعليق صحيح، فقد تداعت كثير من القلوب تؤم الرجل يحسن البيانَ، وينطق بلسان مغموس في دواة العربية، فيروج ضعفه العلمي، وضلاله القبيح، يصوغه بالحرف الوسيم والعبارة المتأنقة والبسمة المصطنعة المشرقة!
أما من رَبِيَ في ظلال الحق، فتجده هاجرًا للعربية، جافيَ اللفظ، متعثِّرَ الخُطَى، لا يكاد يبين؛ فقد نشأ محجوبًا عن النظر في البيان، وحفظِ الشعر، وتشَرُّبِ أساليب العربية، حَظُّه من الدرس مطالعةُ المتون الجامدة، والمسائلِ الجافة، فإذا أقبل على الناس أقبلَ بحلقٍ جافٍّ، ولسانٍ قاحل، ولحنٍ أسيف!
وليس هذا بسبيلِ من عَرَف العربية، وعرف أنها بابُ الشريعة الأعظم، بل جوهر الإنسان فينا!
ثم إنه ليس سبيلَ من سبق من أئمة العلم وأعلام السلف، وإن فراغ طالب العلم في زماننا من العربية وبيانها لبدعةٌ مرذولة!
تعلموا العربية، وتضلعوا من أشعارها، وأديروا أساليب البيان على أقلامكم وألسنتكم؛ فإنَّ كثيرا من الناس يوشك أن يضلَّ لأن هنالك من هو ألحنُ بحجته، يحسن عرضها والبيان عنها!
وأحد منازع الضلال الكبرى فراغ صاحب النور من حرفٍ يقيته، وبيان يؤازره، وقد قال تعالى: " ولكنَّ الله حبب إليكم الإيمان "..والتحبيب كافٍ، لكنه تعالى تفضل فأنعم فقال: " وزيَّنه في قلوبكم ".
فزينوا الهدى، وابذلوا العلم في كسوته الفاخرة نورًا وبهاء.
مختارات