ام الكتاب
سورة الفاتحه ………….السورة المركزية في الصلاة
سورة الفاتحة، التي يرددها المسلم سبع عشرة مرة في اليوم، والتي هي عماد الصلاة والمدخل الأساسي للقرآن الكريم في الوقت نفسه.
الفاتحة التى ليست هى فاتحة الكتاب فقط، بل هى فاتحة للعين المسلمة على عالم جديد، فاتحة لأبواب هذا العالم كي يدخله فرد يتماهى مع هذه الرؤية ويعيد بناء العالم من خلالها.
الفاتحة، في الصلاة تجمع خيوط ذلك، إنها تحدد العلاقة الأهم في حياة كل منا، علاقتنا مع الله عز وجل، وهي العلاقة التي ستحدد بدورها علاقتنا مع ذواتنا، ومع ثم مع العالم من حولنا. هذا التداخل بين العلاقات هو الذي سيجعلنا نساهم في بناء عالم جديد ممكن.
فإذا كانت الصلاة هي عماد الدين، فإن الفاتحة هي حتماً عماد الصلاة، فلا صلاة لمن لا فاتحة له، وهذا يجعلها في موقع قلب القلب من الجسم، أو المخ من الدماغ..
ولأنها المدخل في الكتاب الذي هو آخر ما أنزل الله عز وجل، الكتاب الذي هو الفرصة الأخيرة للبشر لكي يقرؤوأ.. لكي يكونوا ما خلقوا من أجله، لكي يعيدوا تشكيل العالم.. فإن الفاتحة –المدخل- لابد أن يكون لها دور في هذا.. في تعليمنا كيف نعيد تشكيل العالم.…..
***
فما الذي فعلناه بها؟؟
بدلاً من أن تكون فاتحة لحياة جديدة، فاتحة لحياة من نوع آخر، أكثر خصباً وأكثر عطاءً وأكثر حيوية، فإننا جعلناها، ويا للأسف، علامة على الموت، صرنا نقولها عند موت أحدهم، عند التعزية، على أمل أن يذهب ثوابها لروحه المغادرة…
لا أجد شيئاً أكثر تناقضاً من هذا، لا أجد دليلاً على سوء فعلنا بالقرآن، وبكل ما يمت له بصلة، أبلغ من هذا – على كثرة ما فعلنا من أشياء مناقضة لما يريده القرآن منا – أن تتحول الفاتحة التي افتتحت الحياة يوماً ما، التي كانت فاتحة عصر جديد يوم كنا نصنع العصور، أن تحول لتصير علامة مقترنة بالموت.
أن تتحول الفاتحة من شاهد على الحياة، إلى مجرد أحرف مكتوبة على شواهد القبور.
لا ريب بعدها، ولا استغراب، من أننا تخلفنا عن صنع الحياة، وهو أمر لن يكون له ثواب جيد أخروياً”، مهما تمنينا غير ذلك..
بين الفاتحة للحياة، والفاتحة للموت، مسافة شاسعة…………………………..
هي بعينها المسافة بين ما يجب أن نكون………….. وبين ما نحن عليه فعلاً..!!!!!
المصدر: سلسلة “كيمياء الصلاة “ - للدكتور أحمد خيري العمري – مقدمة الجزء الثالث بتصرف
مختارات