النسمة العاشرة - حسن الحسنات - (8)
12. هل جزاء الإحسان إلا الإحسان: وتأمل كثرة حسنات أحمد بن حمبل وأنت تقرأ له: ما كتبت حديثا إلا وقد علمت به، حتى قولي: إن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى أبا طيبة دينارا، فأعطيت الحجام دينارا حين احتجمت.
حرص رحمه الله على اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم بل كل عادة له صلى الله عليه وسلم ولو كان في ذلك خطر على حياته.
قال إبراهيم بن هانئ: اختبأ عندي أحمد بن حنبل ثلاث ليال ثم قال لي: اطلب لي موضعا حتى أدور. قلت: إني لا آمن عليك يا أبا عبد الله، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم اختفى في الغار ثلاثة أيام، وليس ينبغي أن تتبع سنة النبي صلى الله عليه وسلم في الرخاء وتترك في الشدة.
له همم لا منتهى لكبارها *** وهمته الصغرى أجل من الدهر
له راحة لو أن معشار جودها *** على البر كان البر أندى من البحر
وانظر إلى قطرة من كراماته، ولمحة من حسن حسناته:
قال الوركاني: أسلم يوم مات أحمد بن حنبل عشرة آلاف من اليهود والنصارى والمجوس!!.
قال ابن الجوزي: لما وقع الغرق ببغداد سنة 554هـ وغرقت كتبي، سلم لي مجلد فيه ورقتان من خط الإمام أحمد رحمه الله!!.
قال الحسن بن علي الزيني قاضي القضاة: إن الحريق وقع في دارهم فاحترق ما فيها إلا كتابا فيه شيء بخط أحمد!!.
قال شمس الدين الذهبي: وكذا استفاض وثبت أن الغرق الكائن بعد العشرين وسبع مائة ببغداد عام على مقابر مقبرة أحمد، وأن الماء دخل الهليز علو ذراع ووقف بقدر الله، وبقيت الحصر حول مقابر الإمام بغبارها، وكان ذلك آية!!.
13. حسن الخاتمة: الدنيا امتحان يتباين فيه الناس، حتى يأتي موعد تسليم الأوراق وقبض الأرواح فتظهر النتيجة، وتكون الفرحة والسرور أو الويل والثبور.
قال أبو جعفر التستري: حضرنا أبا زرعة الرازي وكان في سياق الموت، وعنده جماعة من العلماء، فذكروا حديث التلقين وقوله صلى الله عليه وسلم: «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله»، فاستحيوا من أبي زرعة وهابوا أن يلقنوه فقالوا: نذكر الحديث، فقال أحدهم: أنبأنا الضحاك بن مخلد عن عبد الحميد بن جعفر عن صالح، ولم يكمل، فقال أبو زرعة وهو في النزع الأخير قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدث عبد الحميد بن جعفر عن صالح بن أبي غريب عن كثير بن مرة الحضرمي عن معاذ أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة»، ولما قال: لا إله إلا الله خرجت روحه مع الهاء قبل أن يقول: دخل الجنة.
مختارات