كنز القناعه
قال الله تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رحمةَ ربِّكَ نحن قَسمْنَا بينَهُمْ معيشَتَهُمْ في الحياةِ الدُّنيا ورفعنا بعضَهُمْ فوق بعضٍ درجاتٍ ليتَّخِذَ بعضُهُمْ بعضاً سُخْريّاً ورحمةُ ربِّك خيرٌ ممَّا يَجمعون}[الزخرف:32]
القناعة كنز لا يملكه إلا من آمن بحكمة الله قولا وعملا فيما قَسَم لخلقه.
تسجِّل هذه الآية الكريمة استنكاراً للقول الَّذي يتقوَّله بعض الناس حين يتكلَّمون بما ليس لهم به علم، فيدَّعون أنه ليس من العدل أن يكون هناك فقراء بين الناس، وأن العدالة تقتضي أن يقسم الله تعالى الأرزاق بالتَّساوي، فلا يكون هناك فقير ولا غني. وهم بذلك يتطفَّلون ويدَّعون القدرة على تغيير موازين المجتمعات البشرية، وتبديل القواعد الَّتي ترتكز عليها، ولو أنهم أمعنوا النظر في الأمر لوجدوا أن استمرارية الحياة على هذه الأرض تقتضي وجود التفاوت بين الناس، في المال والعقل والقدرات، ليتمَّ التعاون فيما بينهم، لئلا تتعطَّل أمور الحياة أو تخرج عن مسارها الصحيح.
إن رحمة الله تعالى لا تقتصر على توزيع الأرزاق على الناس بل هي أوسع من ذلك وأشمل، فكم من فقير قنوع، سعيد في حياته؛ ينعم برحمة الله تعالى، وكم من غنيٍّ طامع سُلب هذه الرحمة، فلا يهدأ له بال ولا يطمئن ولا يعرف للسعادة طعماً.
مختارات