مِن حديث الشّوق !!
كُنْتُ دَائِمًا مَا أَنْصَرِف بِذَاتِي وَصَمْتِي إلى كُتُبِ التَّراجِم أَتأمَّل هَذَا النَّبض المُتَوهِّج مِن حَدِيثِ السَّلَفِ الَصالِح..!
أَمَلَأ به نَفْسِي هِمَّة وَنَشَاطًا..وَرُوحِي حَيَاة وَانْطِلَاقًا في آمَادِ العُبوديَّة الفَسِيحَة..!
والقَلْبُ إِذا كَانَ مَوصُولًا بِالحُبِّ للسَّلفِ الصَالح أَهَاجَتْهُ الكَلمة الشَّارِدة مِن فَمِّ أَحدهم فَنَادَت دُموعه لتِنَسَكِبَ عَلى خَدّيه نَشِيدًا ذَائِبًا مِنَ التّوبة وَالحَنِين!
واليوم..أَطَارَني " حَدِيث الشّوق " فَرَحَلتُ أتتبَّع قَوافل القَوم وَآثار نَارِهم!
فوجدتُ ترانيم الشَّوق..فَأحببتُ أن أُسطِّر هَاهُنا حَفْنة مِن هَذَا النُّور
فَمَاذَا عَنِ الشّوق؟!
الشّوق ثَمَرَة هَذا الحُبّ المُتوقِّد في أَحْنَاءِ النَّفسِ إلى رِيَاضِ القُدس.!
نَسِيمٌ يَهبُّ عَلى القُلوبِ يَحْدُوها في سَيرِها إلى دِيارِ المَحْبُوب!
فَالقَوم قَدْ ظَمأوا إلى مَشْهَد) وُجُوهٌ يَوَمئِذٍ نَاضِرَة إلى رَبِّهَا نَاظِرَة(
وأيُّ شَوقٍ أَعْظَمُ مِن هَذَا الشَّوق..؟!
وَيَا مَا أَحْلى السّير بِأقْدَام الطَّاعة عَلى أَرْضِ الشّوق!
لمَّا أَزْعَجَ المُحبيّن شَوقهم إلى حَبيبهم طَمّأنَهم رَبَّهم فَقَال: ) مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاء الّله فَإنَّ أَجَل الله لَآت ( فَسَكَنَت نُفُوسَهم وَقَد عَلِمُوا أنَّ اللقاء آتٍ!
وَطَالَ الأَمَد عَلَى الكَليم –عليه السّلام- فَفَارَق القَوم مُتَلهِّفًا إلى الخَلْوةِ بِمَحبُوبه قَائِلًا: ) وَعَجِلتُ إليكَ رَبّي لِتَرْضَى(
عَذَابُهُ فِــــــــيكَ عَذْبٌ وبُعْدُه فِيــــكَ قُربُ !
وأنتَ مِنيّ كَرُوحِـــــــي بَل أنتَ مِنها أحبُّ !
حَسْبِي مِنَ الحُبِّ أَنّي لِما تُحِــــــبُّ أُحِبُّ !
وَهَذَا سَيدّ المُحِبِّين يَتَلقَّى المَطَرَ بِثَوبِه فَرحًا به..فيُسْألُ عن هذا فيقول: " إنّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِربِّه "
وَلَطَالَمَا يُرْسِل أَنْفَاس الدُّعَاء مَصْبُوغَة بِنَشِيدِ الحُبِّ قَائِلًا: " أَسْأَلُكَ لذَّةَ النَّظرِ إلى وجهِكَ الكريم، والشّوقَ إلى لقائِكَ، في غَيرِ ضَرَّاءَ مُضرةٍ، ولَا فتنةٍ مُضِلَّةٍ " .
أيُّ شَوقٍ هَذَا؟!.. وأيُّ نعيمٍ أعظم من هذا النعيم؟!
مختارات